عاجل

قضاة العدل الدولية تصدر بالإجماع أمرا جديدا لإسرائيل    استشهاد وإصابة عدد من المدنيين والعسكريين جراء عدوان إسرائيلي على ريف حلب    القبض على سارقي الكابلات الكهربائية بين محطتي دير علي وعدرا    

الشكوى طلب استثناء...بقلم: سامر يحيى

2018-12-10

الشكوى طلب استثناء...بقلم: سامر يحيى

 

 

"أنت تتكلّم عن احترام المواطن وفي سورية، اتقّ الله يا رجل"، هذا جواب مسؤولٍ يُعْتَبَر بمرتبة عليا، عندما تمّ تقديم شكوى ضدّ موظّف أساء للمواطن ولم يقدّم له الخدمة، وآخر يعتبر موظّفيه من أنزه الموظّفين ويوبّخ المواطن، بل يحمّله مسؤولية عدم تقديم الخدمة له، أو سوء تصرّف موظّفه، ويدّعي أنّه يراجع مؤسسته يومياً عدد كبير من الناس ولم تأت شكوى إلا منك أنت؟ أو "شعبٌ لا يمكن إرضاءه"، وكأنّه من كوكب المرّيخ، أو المواطن المشتكي هاوي مشاكل، وليس طالب خدمةٍ من حقّه الحصول عليها.

هذه عيّنة سلبيةٌ جداً من مشاكل تحصل ـ أتوقّع بشكلٍ يومي ـ في مؤسساتنا، فأصبح المواطن متردداً في تقديم الشكوى، لا سيّما في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت وسيلة بيد شخصيات تلمّع وتبيّض صفحة هذا وتشوّه سمعة ذاك حسب ما ترغب، والمواطن المسكين يريد أن تمضي أموره بأقل الخسائر، خوفاً من خسارةٍ كاملةٍ وانعكاساً سلبياً عليه، وبطبيعة الحال المسؤول غير مستعدٍ مهما كان السبب الاعتراف بتقصير موظّفيه، وسوء الخدمة لديه، بل لديه التبريرات الجاهزة، وهذه طبيعة الإنسانية، ولكن أليس من الأجدى لهذا المدير أن يوجّه موظّفيه للعمل بشكلٍ جاد واستيعاب المواطن أنى كان طلبه، كما أنّه من المفترض أن يكون الموظّف صارت لديه الخبرة بالتعامل مع المواطن نتيجة مرور الكثيرين عليه، وبالتالي المفترض أن تكون لديه القدرة على الإقناع والتواصل، وليس التوبيخ والإهمال والتقصير، وبالتالي المفترض البحث عن الحلول عند تقديم شكوى لهذه المسألة ومسائل أخرى قد تكون مرتبطةً بها، بما يساهم برفع الأداء، وعدم اضطرار المواطن لتقديم شكوى أو البحث عن واسطةٍ أو استثناءٍ، ويدفع المواطن إلى احترام المؤسسة والوقوف إلى جانبها، ويشجّع العامل على القيام بمهامه ودوره المنوط به، بدلاً من تشجيع الموظّف على الاستمرار بإهمال عمله والقيام بالحد الأدنى المطلوب منه، وبث روح اليأس والإحباط، ويجب احترام الشاكي لأنّه يملك غيرةً على المؤسسة ويريدها تقدّم الأفضل التزاماً بشعار "عدم التستّر على العيوب والنواقص"، إن كان المدير وطنياً طبعاً.

إن كل ما يحتاجه المواطن من أي مؤسسة مهما كانت هي احترام ذاته وإنسانيته وكرامته الوطنية، ولا يعتبر بطلاً قومياً ذلك المدير الذي يدافع عن موظّفيه أصحاب الأداء السيء تحت ذرائع وهمية، لأنّ المدير الحقيقي، ولن أقول القائد، هو القادر على استيعاب المواطن الشاكي، والموظّف المخطئ بآنٍ معاً دون الإساءة للموظّف أو المواطن، أو المؤسسة التي ألقيت على عاتقه مسؤولية إدارتها.   

إن قيام كلٍ منا بدوره المنوط به، وبواجبه تجاه وطنه ومؤسسته، سيقضي على الشكوى، ولا حاجة للمواطن لواسطةٍ أو تزكيةٍ أو استثناء، فإذا كان كل شيءٍ يسير بشكلٍ طبيعي وإيجابي، ما حاجة المواطن للشكوى وطلب المساعدة من هذا المسؤول أو ذاك، وكل منّا قادرٌ ضمن إطار عمله ومنطقته وحيّه القيام بالكثير، وبالتالي نستطيع النهوض بوطننا بالشكل الأمثل.

فعلى سبيل المثال المشافي التي لدينا تتوفّر بها الموارد والإمكانيات المادية والبشرية الكثير ولا تبخل الحكومة بتقديم ما تطلبه، لكنّ الإهمال هو سبب سوء تقديم الخدمة، وبالتالي نحتاج عملاً رقابياً حقيقياً، فلا يكفي لمسؤولٍ يحقق في شكوى بعينها، بل المفترض أن ينظر للموضوع بكافّة جوانبه، وكأنّما المسؤول لا يرى أمامه إلا موضوعاً بذاته حصل مع شخصٍ محدّد متجاهلاً أنّها مسألة عامّة.

وزارة الكهرباء والمياه هل بحاجةٍ للانتظار أشهرٍ طويلةٍ حتى يدفع المواطن ما يستجرّه من قيمة الكهرباء، ولا سيّما أن الكثير من قارئي العداد يخرجون مرتين في العام فقط، ويضعون أرقاماً وهمية، تقديرية، وبالتالي قد تكون أرقامه دقيقةٍ بشكلٍ عام، لكنّها ليست منطقية إن وزّعت على الفترة الزمنية، فهل عجزت وزارتي الكهرباء ووحدات المياه، عن إرسال قارئي العدادات بشكلٍ روتيني دوري، حسب كل منطقةٍ بوضع لصاقةٍ عليها آخر قيمة وصل إليها العداد والقيمة السابقة، وبالتالي المواطن خلال شهرٍ كحدٍ أقصى من وضع اللصاقة، لدفع ما يترتّب عليه، وبالتالي نقضي على العشوائية، ويعرف المواطن كميّة استجراره وقيمتها المادية ليسددها، وبالتالي لا تكون ديونٌ مؤخرة على المواطن لصالح المؤسسة، ولا يقع المواطن تحت خطأ تقدير قارئ العدّاد.

إنّ قيام كلٌ منا بدوره لا يحتاج لتوجيهٍ من السلطات الأعلى، وبالتالي يختصر كثيراً في بناء مؤسساتنا ومضاعفة إنتاجيتها وتلقائياً سينعكس على الموظّفين والمواطنين بآنٍ معاً، ونسهّل على الجهات العليا تقديم المساعدة والحاجات الحقيقية وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية لتلك المؤسسة لاستمرار عطائها وتطوّرها، ودور مدراء المؤسسات التعاون مع موظّفيهم عبر النقاش والحوار لوضع التخطيط السليم والتنفيذ الدقيق لتجاوز كل المشكلات، وبالتالي لن نجد أحداً يحتاج شكوى أو استثناء في أمورٍ هي من حقّه، أو مهام هي من واجباته...


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account