عاجل

التربية تصدر نتائج امتحانات المواد المتممة للطلاب الحاصلين على شهادات من دول أجنبية    مجلس الشعب يقر مشروع قانون إحداث (هيئة حماية البيانات الشخصية)    الرئيس الأسد يهنئ الرئيس بوتين بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الروسية    

ناتو عربي – صهيونى .. لمواجهة إيران !!.. بقلم الدكتور محمد سيد أحمد

2019-02-20

ناتو عربي – صهيونى .. لمواجهة إيران !!.. بقلم الدكتور محمد سيد أحمد

عقد نهاية الاسبوع الماضى فى العاصمة البولندية وارسو مؤتمرا عربيا – صهيونيا تحت عنوان " السلام والأمن فى الشرق الأوسط " لمناقشة الأخطار التى تهدد منطقة الشرق الأوسط, وانتهت القمة المزعومة بحتمية مواجهة العدو الإيراني, باعتباره الخطر الداهم الذى يهدد أمن العرب والصهاينة معا, ولأول مرة تسقط الأقنعة بشكل كامل ويجلس رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو على طاولة واحدة ويلتف من حوله بعض وزراء الدول العربية المزعومة, الذين هرولوا لالتقاط الصور التذكارية مع رئيس وزراء العدو الصهيونى, الذي منحهم شرف كانوا يتسابقون إليه سرا ليتحول الى العلن وأمام وسائل الإعلام العالمية لينقل الي الرأي العام العربي والعالمي, ولم يكتفى المجتمعون بهذا العار بل تفوه بعضهم بكلمات أقرب الى الكفر, حيث اعتبر وزراء ( البحرين والسعودية والإمارات وسلطنة عمان ) إيران هى العدو الحقيقي لهم ولابد من التعاون المشترك مع العدو الصهيونى لمواجهته.

وهنا لابد من التذكير بأن العداء العربي - الصهيونى هو عداء تاريخى له جذور ممتدة منذ نهاية القرن التاسع عشر عندما ازدادت هجرة اليهود الأوروبيين الى فلسطين التى كانت جزءً من الإمبراطورية العثمانية حيث قاموا بالاستحواذ على الأراضى العربية من العرب والعثمانيين المعروفين حينها باسم الافنديين, وقاموا بإنشاء مستوطنات زراعية يهودية فى محاولة لتغيير التركيبة الديموغرافية التى يغلب عليها السكان العرب, وخلال مرحلة الانتداب البريطانى فى مطلع القرن العشرين قامت حكومة بريطانيا العظمى فى عام 1917 بالإعلان عن وعد بلفور الذى يؤيد إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين وهو ما أدى الى تفاقم الصراع بين أصحاب الأرض العرب وبين اليهود الذين هاجروا الى فلسطين خلال الفترة العثمانية.

واستمر العداء والصراع لمدة ثلاثة عقود كاملة تمكن العدو الصهيونى من فرض نفوذه على الأرض العربية الفلسطينية بمساعدة السلطات الانتدابية البريطانية التى انسحبت بعد إعلان العدو الصهيونى قيام دولته المزعومة فى 14 مايو (أيار) 1948 ودخلت ستة جيوش عربية  فى حرب فلسطين ( مصر – سورية – العراق – الأردن – لبنان – السعودية ) ونالت أول هزيمة أمام العدو الصهيونى وكانت نكبة حقيقية حيث انتهى القتال بتوقيع اتفاقية هدنة عام 1949 بين العدو الصهيونى والجيران ( مصر – سورية – لبنان – الأردن ) وسيطر العدو الصهيونى على المنطقة التى كان مفترض أن تخصص للدولة اليهودية وفقا لقرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة فى عام 1947 تحت رقم 181, بالإضافة الى أكثر من نصف المساحة المخصصة للدولة العربية الفلسطينية, كما تم الاتفاق على إدارة مصرية لقطاع غزة وأردنية للضفة الغربية, وظل الوضع كذلك حتى قام العدو باحتلال باقى الأراضي العربية بعد نكسة يونيو ( حزيران ) 1967.

وبعد النكسة دخلت مصر حرب الاستنزاف مع العدو الصهيونى وكان الهدف الرئيس من هذه الحرب وكما أعلنها الزعيم جمال عبد الناصر هو إعادة الثقة للمقاتل المصرى بعد هزيمة 1967 وتحطيم اسطورة المحارب الصهيونى الذى لا يقهر التى روج لها عبر وسائل الإعلام الغربية الحليفة للعدو الصهيونى, وتمكنت القوات المصرية من توجيه عدة ضربات موجعة للعدو الصهيونى منها عملية إيلات التى تم فيها تفجير الميناء والبارجة الصهيونية الموجودة به, هذا الى جانب عملية تفجير الحفار الصهيوني فى المحيط الاطلسي, ومهدت حرب الاستنزاف الطريق لخوض حرب أكتوبر (تشرين ) 1973 والتى انتصرت فيها الجيوش العربية ( مصر – سورية ) لأول مرة على العدو الصهيونى وتحطمت أسطورة الجيش الذى لا يهزم.    

     وبعد حرب أكتوبر ( تشرين ) 1973 دخل العداء والصراع العربي - الصهيوني مرحلة جديدة تماما, حيث قرر العدو الصهيونى عدم الدخول فى مواجهات وحروب كبرى مباشرة على غرار حرب أكتوبر ( تشرين ), لكنه سيقوم بعملية جهنمية لإنهاء العداء والصراع عبر عمليات سلام مزعومة مع الدول العربية, ومحاولة خلق عدو جديد للعرب ليصرفهم عن عدائهم معه, وللأسف الشديد فقد نجحت الخطة الصهيونية الشيطانية بإخراج مصر من دائرة الصراع عبر ( كامب ديفيد ) وفى نفس التوقيت تورطت العراق فى حرب الخليج الأولى ( 1980 – 1988 ) مع إيران وبدون مبررات مقنعة حيث ظهر ولأول مرة الخوف من تمدد الثورة الإيرانية الى المناطق العراقية التى يسكنها أبناء المذهب الشيعى ومن هنا ظهرت الورقة الطائفية البغيضة لتصبح الورقة التى يستخدمها العدو الصهيونى لاستبدال العداء العربي - الصهيونى بالعداء العربي - الإيرانى.

وخلال الحرب العراقية - الإيرانية قامت دول الخليج بالوقوع فى فخ العداء مع إيران عن طريق دعمها لصدام حسين, إلا أن العلاقات تحسنت نسبيا بعد حرب الخليج الثانية ( الغزو العراقى للكويت ) 1991, وفى الفترة الأخيرة ازداد التوتر بعد أن بدأت إيران فى تطوير قدراتها النووية حيث لعبت أمريكا وإسرائيل دورا فى تزكية الفتنة حيث اقنعت حكام تلك الدول أن امتلاك إيران للسلاح النووى يشكل تهديدا لأمن الخليج والشرق الأوسط, والغريب فى الأمر أن هؤلاء الحكام يعصبون أعينهم عن 200 قنبلة نووية يمتلكها العدو الصهيوني ولا يجدون فيها أى تهديدا لأمن بلادهم والمنطقة فى حين أن محاولة إيران امتلاك هذا السلاح النووى هو ما يهدد الأمن والاستقرار فى المنطقة, وتدخل هذه المحاولات الصهيونية ضمن الخطة الجهنمية التى يستخدمها العدو الصهيونى لإنهاء العداء العربي معه وخلق عداء جديد عربي - إيرانى وبذلك يتمكن العدو الصهيونى من استكمال مشروعه بنجاح.    

   لكن ورغم كل هذه المحاولات الصهيونية سيظل العداء العربي - الصهيوني هو أطول العداءات فى التاريخ ولن ينتهى على المستوى الشعبي مهما فعلت الحكومات من معاهدات مزعومة للسلام مع ذلك العدو الصهيوني, ففى الوقت الذى يقوم فيه بعض حكام الدول العربية بعقد اتفاقيات سلام مثل ( كامب ديفيد وأوسلو ووادى عربة ) تجد الشعوب العربية فى مصر وفلسطين والأردن رافضة لهذه الاتفاقيات, وترى العدو الصهيونى هو عدوها الأول, وبالطبع لا تجد هذه الاتفاقيات أى صدى ايجابى داخل الشارع العربى من المحيط الى الخليج.

 وعلى الرغم من هرولة غالبية الحكام العرب الآن تجاه العدو الصهيونى وإقامة علاقات سرية معه تنكشف مع مرور الوقت وتبرز للعلن, ومحاولات تطبيع العلاقات معه بشتى الطرق فى محاولة للتأثير على المزاج الشعبى لصرف نظره عن هذا العداء التاريخى, ومحاولة استبداله بالعداء الايرانى لكن كل هذه المحاولات لن تنجح فالعدو الصهيونى عدو تاريخى, أما إيران فهى جارة نتفق أو نختلف معها لكن لا يمكن أن تتحول الى عدو يصرفنا عن عدونا الأساسي المشترك  الذى يغتصب الأرض العربية ويقتل ويشرد الشعب العربي الفلسطينى ويهددنا جميعا بامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل, وما قمة وارسو الأخيرة إلا عار جديد على المشاركين فيها, لأن هذا الناتو العربي – الصهيونى المزمع القيام به, لن ينال من إيران بل سيصب في صالح العدو الصهيوني, فوجود إيران النووية يشكل معادلة قوة فى المنطقة مع العدو الصهيوني أفيقوا يرحمكم الله, اللهم بلغت اللهم فاشهد. 


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account