عاجل

القبض على سارقي الكابلات الكهربائية بين محطتي دير علي وعدرا    تراجع أسعار الذهب عالمياً الأربعاء مع ارتفاع الدولار والتركيز على بيانات التضخم الأمريكية    انخفاض أسعار النفط الأربعاء لليوم الثاني مع زيادة مخزونات الخام الأمريكية    

تصحيحًا لرواية الأمير تركي الفيصل لقناة “العربيّة”: الملا عمر رفض عرضًا سُعوديًّا مُغرِيًا مُقابل تسليم بن لادن.. وأبو مصعب السوري أكّد المُلاسنة الحادّة بين الرّجلين التي انتهت بمُغادرة المبعوث السعوديّ غاضِبًا ومُتوعّدًا.. إليكُم الحقائق من شاهِد على التّاريخ عايَشَ بعض تفاصيلها من أصحابها .. بقلم عبد الباري عطوان

2019-06-10

تصحيحًا لرواية الأمير تركي الفيصل لقناة “العربيّة”: الملا عمر رفض عرضًا سُعوديًّا مُغرِيًا مُقابل تسليم بن لادن.. وأبو مصعب السوري أكّد المُلاسنة الحادّة بين الرّجلين التي انتهت بمُغادرة المبعوث السعوديّ غاضِبًا ومُتوعّدًا.. إليكُم الحقائق من شاهِد على التّاريخ عايَشَ بعض تفاصيلها من أصحابها .. بقلم عبد الباري عطوان

يظهر الأمير تركي الفيصل رئيس جهاز الاستخبارات السعوديّ، والسّفير الأسبق في كُل من واشنطن ولندن، على شاشات التّلفزة للحديثِ بين الحين والآخر عن موضوع هو الأقرب إلى قلبه، وهو تنظيم “القاعدة” وزعيمه الشيخ أسامة بن لادن، لصِلته، المُباشرة وغير المُباشرة بالرّجل، وخاصّةً تعاونه معه أثناء إشرافه، أيّ الأمير الفيصل، على الجِهاد الأفغاني، ودعم بلاده للمُجاهدين الأفغان والعرب في إطار خطّة انتقاميّة أمريكيّة لإنهاء الوجود السوفييتيّ في أفغانستان بعد هزيمته وتغيير النّظام الشيوعي الذي يدعمه.

في مُقابلته الأخيرة مع قناة “العربيّة” تحدّث الأمير الفيصل عن أكثر من جانب في هذا المِلف، مثل عرض الرئيس السوداني السابق عمر البشير تسليم زعيم تنظيم “القاعدة” الذي كان في طَور التّأسيس عام 1996 شريطة أن لا تتم مُحاكمته، وكذلك عن لقائه الشهير بالملا محمد عمر، زعيم حركة طالبان، للمُطالبة بتسليمه، أيّ بن لادن، إلى السعوديّة، بعد تفجيريّ السّفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام صيف عام 1998، وهو اللّقاء الذي بدأ بحِوارٍ غاضبٍ، وانتهى بخُروجه حانقًا وخالي الوِفاض، ليذهب مُباشرةً إلى المطار ويستقل طائرته الخاصّة ومعه الدكتور الشيخ عبد الله التركي، وزير الشؤون الإسلاميّة في حينها.

***

الأمير الفيصل كان مُقِلًّا في ذِكر التّفاصيل الحقيقيّة للّقائين، سواءً الأوّل مع البشير، أو الثّاني مع الملا عمر، ولم يُضِف أيّ جديد، وهذا أمرٌ يعود إليه، الأمر الذي يدفعنا باعتبارنا أحد المُطّلعين على الجانِب الآخر، من الصّورة، سواء بشكلٍ مُباشرٍ أو غير مُباشر، سرد بعض الوقائع التاريخيّة إنصِافًا للحقيقة.

عندما التَقينا زعيم تنظيم “القاعدة” في كُهوف تورا بورا في أواخر تشرين ثاني (نوفمبر) عام 1996، أكّد لنا أنّ السلطات السعوديّة أرسلت إليه عدّة وفود تضُم والدته، وزوجها السيد محمد العطاس، ومجموعة من رجال الأعمال السعوديين من أُسرٍ تجاريّةٍ بارزةٍ في منطقة الحجاز، حامِلين عُروضًا بالعفو من السلطات السعوديّة تتضمّن شقّين، الأوّل: أن يتم فك تجميد حواليّ 200 مليون دولار كانت رصيده في حسابه الشخصي من عوائد نصيبه من أرباح شركة المُقاولات الضّخمة التي تملكها أسرته، ومُضاعفتها، بمُجرّد عودته إلى المملكة، والثّاني، أن يُصدِر عفوًا عنه من العاهل السعودي شريطة أن يقول للصّحافيين الذين سيكونون في انتظاره على أرض المطار أنّ الشريعة الإسلاميّة تُطبّق على الوجه الأكمل في المملكة العربيّة السعوديّة.

الشيخ بن لادن أكّد لنا أنّه رفض العرضين، وعاد الوفد إلى جدّة بُخفّي حنين، وربّما كانت تِلك الزّيارة الأخيرة التي رأى فيها والدته السيدة علياء غانم.

أمّا بالنّسبة إلى الواقعة الأخرى، أيّ اللّقاء بين الأمير الفيصل والملا عمر، فقد اتّصل بنا بعد أسبوع من اللقاء تقريبًا الذي تم في آب (أغسطس) عام 1998، وبعد تفجيريّ السّفارتين الأمريكيتين، أبو مصعب السوري (مصطفى ست مريم) من قندهار، وأبلغنا بالوقائع كاملة حيث تم اللّقاء، وقال بالحرف الواحد أنّ الأمير الفيصل تعاطى بطريقةٍ تنطوي على الكثير من الغطرسة مع الملا محمد عمر، وطالبه بطريقةٍ إملائيّةٍ بأن يُسلّمه زعيم تنظيم “القاعدة” بحيث يأخذه معه على ظهر الطائرة الخاصّة نفسها التي أقلّته إلى قندهار، ويعود به مُكبّلًا إلى الرياض، وقدّم له عُروضًا بمُساعدات ماليّة مُغرية والاعتراف بحُكومة طالبان واستعادتها لمِقعد أفغانستان في الأمم المتحدة، وهُنا انفجر غضب الملا عمر غاضبًا، وقال لرئيس المخابرات السعودي أنّه مُستعد لتسليم بن لادن شريطة أن يَمثُل أمام مُحاكمة شرعيّة قُضاتها مجموعة من الشيوخ من السعوديّة وأفغانستان والعامل الإسلامي، فإذا أدانته هذه المحكمة بالإرهاب، فإنّه مُستعد لتنفيذ قرارها فورًا، ووجّه انتقادات قاسية للأمير الزائر، وقال له، “كيف تُطالبني بتسليم “مُجاهد” مُسلم إلى دولةٍ كافرةٍ”، أيّ أمريكا، لكي يُحاكم على أرضها؟ وطلب منه مُغادرة المجلس فَورًا، وهذا ما حصل.

أمّا إذا انتقلنا إلى الرواية الأُخرى المُتعلّقة باغتيال الشيخ بن لادن عندما اقتحمت قوّات “العجول” الأمريكيّة الخاصّة مقر إقامته وأسرته في “أبوت أباد” قُرب إسلام أباد، فقد أكّد لنا شقيق السيدة أمل السادة، الزوجة اليمنيّة الأخيرة، ونقلًا عنها، وهي التي كانت إلى جانبه في الغرفة الواقعة في الطّبقة العُليا من المنزل، أنّ زعيم تنظيم “القاعدة” كان يحمِل رشّاشًا، مُستعدًّا للدّفاع عن نفسه، وأنّها ألقت بجسدها عليه لحمايته من الجُنود الذين اقتحموا المكان، وأُصيبَت في ساقها.

لا أحد يعرف حتّى كتابة هذه السطور ما حدث بعد ذلك، باستثناء أنّ أحد أبناء بن لادن خالد قد قُتِل معه، وكذلك اثنان من مُساعديه، وإسقاط إحدى المروحيّات الثّلاث التي هاجمت المنزل وتدميرها إثر وشاية من طبيب باكستاني يُعتقد أنّه ما زال مُعتقلًا في أحد السّجون في إسلام أباد.

***

الأمير الفيصل أشار إلى الرواية الأمريكيّة الرسميّة، التي أكّدت أنّه جرى دفن الجثامين قبل ثماني سنوات بعد نقلها على ظهر سفينة حربيّة إلى المِياه الدوليّة في بحر العرب قُبالة السّواحل اليمنيّة، حيث تم الدّفن وفق الشريعة الإسلاميّة، وبحُضور إمام مُسلم قاد الصّلاة على الميّت، ولتجنّب تحوّل قبره إلى مزارٍ لأنصاره في حال دفنه في البر، ولكنّ هذه الرواية ما زالت موضِع شُكوك، فلم تُقدّم إدارة الرئيس أوباما أيّ أدلّة مُقنِعة تدعم هذه الرواية، ولا نستبعد أن يكون جُثمانه ما زال مُحتَجزًا في أحد المشارح الأمريكيّة.

هل هي الصّدفة المَحضة أن يختفي جُثمانا أبرز رجلين تعاطى معهما الأمير الفيصل، الأوّل زعيم تنظيم “القاعدة”، والثّاني للصّحافي جمال الخاشقجي، الذي كان مُستشاره السياسي والإعلامي عندما كان سفيرًا في كُل من لندن وواشنطن؟ الأوّل جرى دفنه في البَحر والثّاني جرى تقطيع جُثمانه في قنصليّة بلاده في إسطنبول، ولم يتم حتّى الآن معرفة ما حدث بعد ذلك؟

نطرح السّؤال ولا نعتقِد أنّنا سنتلقّى إجابةً في المُستقبل المنظور على الأقل.

رأي اليوم


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account