عاجل

قضاة العدل الدولية تصدر بالإجماع أمرا جديدا لإسرائيل    استشهاد وإصابة عدد من المدنيين والعسكريين جراء عدوان إسرائيلي على ريف حلب    القبض على سارقي الكابلات الكهربائية بين محطتي دير علي وعدرا    

التفرّد والانفراد .. بقلم: سامر يحيى

2019-07-08

التفرّد والانفراد .. بقلم: سامر يحيى

 

 

يحكى أن المهلّب بن أبي صفرة حين دنت وفاته ـ والبعض ينسب الرواية لمعن بن زائدة ـ طلب من أبنائه جلب الرماح وأعطى كل منهم رمح لكسره، وتمكّنوا من ذلك بسهولة، ولكن عندما جمّع الرماح لم يتمكّن أشدّهم قوّة من كسرها، فقال:

 كونوا جميعاً يا بنيّ إذا اعترى              خطباً ولا تتفرّقوا آحادا

 تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً         وإذا افترقن تكسّرت آحادا

والعمل المؤسساتي كذلك يحتاج تضافر الجهود ليثمر بشكلٍ مضاعف، وإظهار ما تقوم به بالتعاون والتعاضد مع جميع أبناء الوطن، بما يؤدي ندرة إن لم نقل انتفاء الأخطاء، ونبذ كل المبرّرات الواهية والبعيدة عن الواقع التي يقدّمها البعض، كأن يعتبر المدير الأعلى في مؤسسته أنّ الموضوع ليس من صلاحياته، إنما جهةٌ أعلى، أو مؤسسة أخرى، أو أن جهاز الرقابة سيرفض، أو أنه لا يمكن له محاربة الفساد إن لم تقدّم له ملفّات حقيقية، ويجب أن تمرّ مكافحة الفساد وفق الطرق القانونية، أو لا يوجد اعتماد، عدا عن إيجاد حلولٍ مؤقتة لمسائل كثيرة تكلّف المؤسسات جهداً ومالاً ووقتاً أضعاف تطبيقها بشكلٍ مدروس... إلى ما هنالك من معاناة وشكاوى نسمعها ممن هم أصحاب الحل.

الإدارة دورها تفعيل العمل الجماعي، وأن تدرك أن القانون من صنع البشر، ودورها تطويره وتحديثه لدفع عجلة الإنتاج قدماً، لا أن تكون سلبيةً، فمن الطبيعي أن نجد أحياناً أن "الفاسد أقدر على الدفاع عن نفسه من النزيه"، فالتطبيق بمصداقية وحكمة منطقية ومحاسبة على الانتاجية يساهم بتنفيذ القانون بالشكل الأسمى المخطّط له، والتزام الموظّف الحكومي ـ أنّى كانت مرتبته أو طبيعة عمله، وحتى شهادته العلمية أو العملية ـ  بالقانون، قبل المواطن، ويجب أن يحاسب هو بقوّة وقسوة، أكثر مما نحاسب المواطن، لأنّ هذا الموظف المفترض أن يكون الأقدر على فهم دوره وطبيعة عمله ومؤسسته، وبالتالي يجب أن يكون مثالاً نموذجياً لاستقطاب الآخر، وتعزيز الإيمان بالوطن ومؤسساته، وتحقيق التواصل والتعاضد بين أبنائه على امتداد التراب السوري، والمغتربين، للسعي لتذليل كل العقبات ومجابهة التحدّيات، ومعالجة الأخطاء واجتراع الحلول والاستثمار الأمثل للموارد، بما يضاعف نتاجات مسيرة التطوير والتحديث وإعادة الإعمار والبناء، واستنهاض الهمم، والتوجيه والتعاون والتنسيق مع القطّاع المشترك والخاص بالشكل الأمثل وتعزيز التشاركية، لأنّ المؤسسات العامة الأقدر على تقديم الدراسات والرؤى واحتياجات سوريتنا من أي مؤسسة كانت، لا سيّما أن المرحلة الحالية تتطلّب من الجميع مضاعفة الجهود، وتفعيل العمل الجماعي، لنتمكّن من مجابهة كل أعداء سوريتنا الذين يعملون لتدمير ما يستطيعون تدميره من بنى تحتية وموارد بشرية، وتفتيت النسيج الوطني بكل أوردته، وإن نجحوا بجزءٍ من مخطّطهم عبر التضليل الاعلامي وغسل أدمغة البعض وشراء الذمم، ليكون كل منا عدوّ الآخر، وننتقد بعضنا لتثبيط الهمم والقضاء على الحيوية والنشاط التي نتمتع بهما في مجال العلم والعمل والإبداع وكل ميدان نتواجد به، لنبقى تابعين لهم، يفكّر كل منا بلقمة عيشه والبحث عن أمنه وأمانه والتهرّب من مسؤولياته  بخدمة وطنه تحت مبررات غير منطقية وإن كانت تبدو للبعض واقعية.

 القطاع الخاص هو رديف أساسٍ للمؤسسات الحكومية، متعاوناً معها لتلبية احتياجات الوطن، وزيادة عجلة الانتاج والاستثمار الأمثل للموارد بشتى أنواعها، مستفيدين من تواجد مؤسسات تشمل كلّ ذرّة من تراب سوريتنا، لا سيما هيئة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة الإدارة المحلية، وغيرها الكثير من المؤسسات التي لديها الخبرة والكفاءة والمعلومات والبيانات التي يحتاجها كل من يريد إعمار الوطن والسعي للنهوض به بقوّة، وأن تكون إضافةً إيجابية للاجتماع الأعلى للسلطة الحكومية بما يساهم ببحث الموضوعات الشائكة والتعاون والتعاضد المؤسساتي، لأنّ التوجيه والممارسات الفنية والإدارية المفترض أن الجهاز الفني بكل مؤسسة قد حلّها أو رفع اقتراحات علاجها للسلطة الأعلى، وتكون السلطة الإعلامية صلة وصلٍ بين الجميع، لأنّها صوت المواطن لدى المؤسسة، وصوت الوطن لدى المواطن، وصوت المؤسسات فيما بينها لمعالجة المشكلات التي تتداخل مهامها أو تنفرد بها، ليشترك الجميع بمجابهة التحديات عن وعيٍ وإدراك بعيداً عن جلد الذات أو النفاق.

 والآن نلحظ على الساحة انتشار رجال الأعمال كل بقطّاعه سواء بالمعارض أو الإنشاءات والبناء، أو افتتاح الأسواق والمحال التجارية الخدمية، وندرة في الاستثمار الحقيقي الفعلي، مما يجعلنا أحوج ما نكون لأن تتم كل هذه الأمور بالتشاور والتشاركية بين كافّة أبناء الوطن، فهنا لسنا بوارد التنافسية إنّما التعاون والتعاضد، فليس خطأً إيجاد آلية تعاون بين المؤسسات المتخصصة والمصارف ورجال الأعمال لافتتاح مشروعات صغيرة ومتوسطة، وسكنية وتجارية بما يساهم بتفعيل بدور كل مواطن، وتعليمه الصيد لا الاتكالية، فمشروع بعشرة مليون لعشرة أشخاص، بكل تأكيدٍ سيكون مردوده أضعاف مشروع بمليون ليرة لشخصٍ واحد، وقرضٌ مؤسساتي لبناء مساكن وفق الطرق الحديثة والصحية، ومن ثم توزيعه على المواطن بقروضٍ أجدى بأضعاف من منح قرضٍ لمواطن لشراء بيتٍ، وكذلك الترميم إلى ما هنالك، من أفكار تساهم بخلق فرصٍ واستثمار أمثل لجميع الجهود، بغض النظر عن التفاصيل، وبدلاً من التنافس والانفراد كل بعمله، تصبح لديّنا التفرّد والإنتاجية للنهوض بالوطن بكامل أركانه..

 هل يعقل ألا نستفيد من النجاحات التي تحققها القيادة السياسية والعسكرية، وتضافر جهودهما للحفاظ على راية سوريتنا خفّاقة، بالتعاون والتعاضد مع الحلفاء والأصدقاء والقوى الرديفة، لطرد الإرهاب من ثرى سوريتنا المقدّس، والحفاظ على قوّة سورية لمجابهة العدو الرئيس الكيان الصهيوني، والخروج بأقل الخسائر التي يحاول العدوّ تكبيدنا إياها، مع الحرص على دماء كل سوريٍ وحماية ممتلكاته والحفاظ على كرامته وإنسانيته أنّى كان تواجده.


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account