التاريخ لا يرحم ولا سيما عندما يؤرخ مذكرات أو سجل لأشخاص يلعبون دورا في هدم وتخريب أو بناء اوطان...من منا لا يتذكر إيلي كوهين بالعبرية ( الياهو بن شاؤول كوهين) الذي وصل إلى البوابة الحكومية لولا من العبر والاتهامات التي تثار في سورية عندما يقوم شخص ما بعمل عدواني يتهم أو ينسب إليه اسم كوهين ..لكن هناك الكثيرون من السوريين لا يعرفون من هو كوهين سوى أنه جاسوس إسرائيلي. إيلي كوهين يهودي ولد بالإسكندرية التي هاجر إليها أحد أجداده سنة 1924 عمل جاسوسا لإسرائيل في سورية ...اكتشف أمره وأعدم عام 1965. تقول شهادات تاريخية أن إيلي كوهين انضم في عام 1944 إلى منظمة الشباب اليهودي الصهيوني في الإسكندرية وبدأ متحمساً للسياسة الصهيونية تجاه البلاد العربية، بعد حرب 1948 أخذ يدعو مع غيره من أعضاء المنظمة لهجرة اليهود المصريين إلى فلسطين. في عام 1949 هاجر العديد من اليهود المصريين إلى إسرائيل ومن بينهم أبواه وثلاثة من أشقائه بينما تخلّف هو في الإسكندرية وعمل تحت قيادة إبراهام دار ) وهو أحد كبار الجواسيس الإسرائيليين الذي وصل إلى مصر ليباشر دوره في التجسس ومساعدة اليهود علي الهجرة وتجنيد العملاء) . اتخذ إيلي كوهين اسم جون دارلينج وشكّل شبكةً للمخابرات الإسرائيلية بمصر نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشآت الأمريكية في القاهرة والإسكندرية بهدف إفساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأميركية في عام 1954، تم إلقاء القبض على أفراد الشبكة في فضيحة كبرى عرفت حينها بفضيحة لافون تمكن كوهين من إقناع المحققين ببراءة صفحته إلى أن خرج من مصر عام 1955 ليلتحق بالموساد الإسرائيلي ومن ثم عادت واعتقلته مع بدء العدوان الثلاثي على مصر. أفرجت القيادة المصرية عنه 1957 ليهاجر إلى إسرائيل وعندما فشل في التجسسس على مصر رأت إسرائيل أن أنسب شخص للتجسس في دمشق هو إيلي كوهين. ألحقته أجهزة الاستخبارات الصهيونية بدورة تدريبية على التكلم باللهجة السورية لأنه كان يجيد اللغة العربية بحكم نشأته في الإسكندرية . رتبت له الاستخبارات الصهيونية قصة ملفقة يبدو بها سورياً مسلماً يحمل اسم كامل أمين ثابت هاجر وعائلته إلى الإسكندرية ثم سافر عمه إلى الأرجنتين ثم لحق به كامل وعائلته وفي عام 1952 توفي والده كما توفيت والدته وبقي وحده يعمل بتجارة الأقمشة. تم تدريبه على كيفية استخدام أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري كما راح يدرس في الوقت نفسه كل أخبار سورية ويحفظ أسماء رجالها السياسيين والبارزين في عالم الاقتصاد والتجارة. مع تعليمه القرآن وتعاليم الدين الإسلامي. تم تعيين كوهين في شركة للنقل وظل كوهين لمدة تقترب من العام يبني وجوده في العاصمة الأرجنتينية كرجل أعمال سوري ناجح فكون لنفسه هوية لا يرقى إليها الشك، واكتسب وضعا متميزاً لدى الجالية العربية في الأرجنتين، باعتباره رجلاً وطنياً شديد الحماس لبلده وأصبح شخصية مرموقة وتشير بعض الشائعات أنه تعرف على العقيد أمين الحافظ ، لكن توقيت استلام الحافظ منصب الملحق العسكري في بيونس آيرس كان قد تزامن مع سفر كوهين لسورية مما ينفي أي علاقة مسبقة بين الرجلين. قبل البدء بعملية التجسس قام كوهين بتصفية كل أعماله العالقة في الأرجنتين اصول عملية التجسس ليظل في دمشق مدعياً حب الوطن.
وفي الشهور الأولى تمكن كوهين أو كامل من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة مع ضباط الجيش والمسؤولين العسكريين (كاد أن يتولى منصب رئيس وزراء سورية). وكان من المعتاد أن يزور أصدقاءه في مقار عملهم، وكانوا يتحدثون معه بحرية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع إسرائيل ويجيبون على أي سؤال فني يتعلق بطائرات الميغ أو السوخوي، أو الغواصات التي وصلت حديثا من الاتحاد السوفيتي أو الفرق بين الدبابة ت-54 وت-55 وغيرها من أمور كانت محل اهتمامه كجاسوس. وكانت هذه المعلومات تصل أولا بأول إلى إسرائيل ومعها قوائم بأسماء وتحركات الضباط السوريين بين مختلف المواقع والوحدات.
بعد 4 سنوات من العمل في دمشق والدلال والاحتفال والاشادة بوطنيته العالية إلى سورية انكشف أمره على يد مسؤول في الجيش السوري (محمد وداد بشير) الذي قدم للأمن السوري معلومات تتضمن رصد رسالة موجهة إلى الكيان الصهيوني من المبنى الذي كان يقطنه كوهين وبعد المراقبة والتحقيق وبراءة أهل المبنى عادوا مع اذن من السلطات العليا في سورية بتفتيش منزله ليجدوه متلبساً ..حاول ان يشرب السم لكن أمسكوا به وتم إعدامه في 18 أيار 1965 في ساحة المرجة بدمشق. قيل الكثير من الروايات حول كشف إيلي كوهين لكن في النهاية كشف أمره قبل أن يتولى منصباً سياسياً في سورية حسب الروايات السورية. هناك سؤال حيرني ألاّ وهو لماذا تم ذكر اسم كوهين في مسلسل باب الحارة ؟؟؟؟ كم كوهين في الدول العربية ؟؟؟ هل هناك شك في أن كوهين قد خلف العديد من أبنائه بالكار إذا ما راقب أو يراقب القريب والبعيد منها ما يحصل من تدمير وقتل وتشريد وو إلخ سورية ضحية أمثال كوهين في الداخل السوري والخارج لكن إلى متى سنبقى سطحيين في الحرص على سورية وإذا كان الأمر كذلك فعلى الدنيا السلام . احببت أن اكتب عن كوهين لأمرين الأول هو أن اليوم يصادف ذكرى إعدامه والثاني هو أن احفاد كوهين موجودون بيننا إن لم يتم كشفهم وإقصاؤهم لا يمكن لسورية أن تعود سالمة كما كانت قبل الأزمة. لم تكل أو تمل الجهات الصهيونية بمطالبة نقل رفات الجاسوس كوهين من سورية إلى إسرائيل عبر العديد من الوسطاء الدوليين لكن كل الواسطات قوبلت بالرفض من القيادة السورية.
|
||||||||
|