بعد أيام من احتفال العالم بالعام الميلادي الجديد وميلاد المسيح تم مؤخراً الكشف عن أقدم نسخة، من نص يدّعى أنه "تعاليم يسوع لشقيقه جيمس" يرجع تاريخ كتابته إلى القرن الخامس للميلاد. وبحسب خبراء مختصين في الدراسات الإنجيلية فقد تم العثور على هذه النسخة المحظورة دينياً في القرن التاسع عشر في مدفن للقمامة بمدينة البهنسا المصرية -التي تبعد عن القاهرة بـ١٦٠ كيلومتراً- مبعثرة بين أكوام من أوراق البردي، وإيصالات الضرائب القديمة وفواتير بيع للعربات والحمير. تعد المخطوطة المكتشفة نسخةً نادرة باللغة اليونانية للقصة المُلفقة "غير الرسمية" للإنجيل "العهد الجديد" وتحمل عنواناً أولياً هو: تعاليم جيمس الموضوعة. وكان العلماء يعتقدون أن هذه النسخة محفوظة فقط باللغة القبطية (اللغة المصرية الأصلية التي تطورت من اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة).
تاريخ في القمامة
ويرجع تاريخ النص المكتشف على الأرجح الى القرن الخامس أو السادس للميلاد، كما قال برنت لانداو -المحاضر الدراسات الدينية في جامعة تكساس في أوستن- الذي قدَّم هذه النتائج بمساعدة جيفري سميث -الباحث في الدراسات الدينية في جامعة تكساس- في الاجتماع السنوي لجمعية الأدب الإنجيلي في بوسطن، الذي عقد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ولم يخضع هذا الاكتشاف بعدُ للمراجعة والتدقيق من قبل أعضاء الجمعية.
اكتشاف نادر
يصف لانداو، المخطوطة في تصريحات لصحيفة "Live Science" بأنها فريدة من نوعها لعدة أسباب: أولها أنها مكتوبة باللغة اليونانية. وقد "كانت اللغة اليونانية هي اللغة الأقدم التي تتألف منها الكتابات المسيحية الأصلية؛ لأنها كانت اللغة الرسمية والشائعة الاستخدام للإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت". لكنه من النادر -بحسب لانداو- العثور على نصوص غنوصية محظورة دينياً باللغة اليونانية".
ورغم أن نسخة البهنسا ليست النسخة الأولى التي تم العثور عليها من "أولى تعاليم جيمس الموضوعة"، فمن المرجح أنها أقدم من النسخة الأخرى الوحيدة لهذا النص والتي تم العثور عليها في مكتبة نجع حمادي، ضمن مجموعة من 13 كتاباً قبطياً غنوصياً، تم اكتشافها في مصر عام 1945. كانت مدفونة تحت الأرض في جرارٍ مغلقة، ومن المحتمل أنها كانت مخبأة في وقت ما بعد عام 367م عندما كان أثناسيوس -أسقف الإسكندرية- يشرح الشريعة الكنسية في 27 كتاباً، المعروفة اليوم بالعهد الجديد. أما كل الأسفار والحكايات الأخرى، مثل تلك التي عُثر عليها في مجموعة نجع حمادي، فقد اعتبرت هرطقة [من كان يسوع، الإنسان؟]. وكثيراً ما كانت مخطوطات هذا الزمن تُكتب بخط متصل ومُشتبك الحروف. لكننا نجد أن المقاطع في هذه الوثيقة مقسمة بشكل واضح ما يعني أن الكتاب كان أداة المُعلم لمساعدة الطلاب على تعلم القراءة والكتابة باللغة اليونانية. وأضاف لانداو: "في الزمن الذي استخدم فيه هذا النص في مدرسة أحدهم في القرن الخامس أو السادس، كان هذا النص بالفعل وقتها محظوراً". "من الواضح أن هذا المعلم، أياً كان شخصه كان مولعاً جداً بتعاليم جيمس الموضوعة".
لماذا تم حظر هذه النسخة؟
من المحتمل أن هذه النصوص "الغنوصية"، مثل أولى تعاليم جيمس الموضوعة، كانت محظورة دينياً من الكهنة بسبب "فهمها المختلف" لدور يسوع المسيح. ويقول لانداوفي هذا الصدد: "إنهم ينظرون إلى يسوع على أنه كاشف ومعلم للحكمة الإنسانية، أكثر من كونه المسيح المنتظر". ووفقاً لهذه النصوص الغنوصية، فقد علّم يسوع الناس أن هذا العالم المادي كان في الواقع سجناً، خلقه إله قاسٍ وهذا الوصف يشبه بشكل أساسي ما جاء في فيلم "The Matrix". وبحسب المخطوطة يصف يسوع هذا السجن لأخيه في أولى تعاليم جيمس الموضوعة. ويكشف له أن العالم تحرسه شخصيات شيطانية تسمى "archons" (مسمى غنوصي يعني المسؤولين)، الذين يعرقلون ويقطعون الطريق بين العالم المادي والحياة الآخرة. وقال لانداو إن كل "ما يحتاجه جيمس ليتخطّاهم عندما يموت، هي ترديد بعض كلمات السر- أي مثل بعض الشيفرات والرموز الاحتيالية كما في ألعاب الفيديو". ويعمل كل من لانداو وسميث حالياً على نشر الاكتشافات التي عثروا عليها في سلسلة من "أوراق البردي الخاصة بمدينة البهنسا أو أوكسيرينخوس Oxyrhynchus" القديمة، في دليل اكتشافات أوكسيرينخوس Oxyrhynchusالجارية، التي تم اكتشافها للمرة الأولى منذ 120 عاماً. |
||||||||
|