مركز جديد للبحوث التخديرية: الفطر السحري قد يحلّ محل مضادات الاكتئاب في غضون خمس سنوات


حصري: "الأشخاص الذين يتناولون مضادات الاكتئاب على المدى الطويل يقولون إنهم يشعرون بتبلّد المشاعر، على خلاف العلاج بالمخدرات، حيث يتحدثون عن التنفيس العاطفي وإعادة التواصل"

قد تكون الأدوية المحفّزة للهلوسة مثل الفطر السحري على وشك كسر القبضة المحكمة لشركات الأدوية الكبرى على سوق مضادات الاكتئاب المربحة بشكل كبير، وذلك وفقًا لرئيس أول مركز في العالم للبحوث السيكاديلية (أو التخديرية).

تضاعفت الوصفات المضادة للاكتئاب في إنجلترا خلال عقد من الزمان حيث يتعاطى حوالي سبعة ملايين من البالغين المخدرات، ومن المتوقع أن تبلغ قيمة السوق العالمية 15.9 مليار دولار (12.5 مليار جنيه إسترليني) بحلول العام 2023.

في جامعة إمبريال كوليدج لندن، يقود الدكتور روبن كارهارت-هاريس إحدى التجارب الأولى لاختبار مقارنة بين العلاج بفطر السيلوسيبين المحظور حاليًا في المملكة المتحدة، ومضادات الاكتئاب الرئيسة.

وعلى الرغم من أنه لن يستبق نتائج الدراسة، فإنه يقول إنّ المشاركين يصفون شعورهم بـ "تنفيس" شافٍ للعواطف عن طريق العلاج بالسيلوسيبين - وهو النقيض التام للأدوية المضادة للاكتئاب، التي يشكو المرضى من أنّها تترك عواطفهم "متبلّدة"، سواء كانت إيجابية أو سلبية.

إنها الدراسة الأولى من بين عدد من الدراسات المخطط لها تحت راية المركز الجديد للبحوث التخديرية في جامعة إمبريال كوليدج لندن.

سوف يضم طابق فارغ كبير من حرم هامرسميث الجامعي مجموعة من غرف العلاج، تجعله أول عيادة بحوث للعلاج السيكاديلي في المملكة المتحدة و"نموذجًا أوليًا وملهمًا" لترخيص عيادات الطب التخديري في المستقبل.

وقد بدأ بالفعل طرح خطط لتجارب السيلوسيبين في علاج اضطرابات الأكل، ودراسة الآثار القوية لعقار دي أم تي (DMT) المهلوس على الدماغ، بعد التزام جامعة إمبيريال تجاه المركز.

لكنّ الشقّ الذي تحرز فيه البحوث أكبر تقدّم وتبشّر بمستقبل واعد، هو معالجة الاكتئاب.

في التجربة الحالية، سيتلقى حوالي 60 مشاركًا يعانون من الاكتئاب المتوسط إلى الشديد، علاجًا بالسيلوسيبين مصحوبًا بجلسة مع اختصاصي في علم النفس السريري.

سيتم أيضًا تقسيم المشاركين عشوائياً إلى مجموعتين، حيث تعطى الأولى دواء وهميًا والثانية إسيتالوبرام، بدون معرفة الباحثين أو المرضى أسماء المنتمين إلى كل مجموعة.

إسيتالوبرام هو نوع من مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، وهي الأدوية التي تمثل أكبر جزء من سوق مضادات الاكتئاب.

وقال الدكتور كارهارت هاريس لصحيفة "إندبندنت": "إذا سألت الناس الذين يتناولون مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية بشكل مزمن، فغالبًا ما يقولون ’مشاعري متبلّدة‘، وهذا يعني أنّ العواطف السلبية والإيجابية تكون مقموعة."

وتابع: "مع علاج سيلوسيبين يقولون نقيض ذلك، ويتحدثون عن التنفيس العاطفي، وإعادة التواصل، وقدرة هذا المركز العاطفي الأساسي على التجاوب أكثر."

استخدم الفريق فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لدراسة التأثيرات التخديرية على الدماغ وتبيّن أنّ المخدر يقلّل من نشاط المناطق التنسيقية ويرخي قبضتها ويسمح للمراكز العاطفية الأكثر بدائية بالظهور.

أما الدلائل المبكرة الأخرى فهي أنّ قائمة الآثار الجانبية هي "أطول بمرّتين" للإسيتالوبرام بالمقارنة مع العلاج بالسيلوسيبين، علمًا أنّ هذا الأخير يعمل بشكل أسرع بكثير من مضادات الاكتئاب - والتي قد تستغرق عدة أشهر لتعطي نتيجة.

ومع ذلك ، قد لا يكون العلاج مناسبًا للجميع.

أثناء جلسات العلاج، يتم تشجيع المرضى على التماشي مع التجربة المخدرة التي يمكن أن تكون حية للغاية وقد تتطلب منهم مواجهة صدمات أو تجارب سابقة.

وفي هذا الإطار، يقول الدكتور كارهارت هاريس: لا نسميها "رحلة سيئة"، بل "تجربة نفسية صعبة" ونحن نخبر الناس بصراحة أنها قد تكون جحيمية.

مضيفًا: "قد تكون كابوسًا، لكنّنا مستعدون لذلك، ونموذج العلاج هذا يتطلب منك حرفيًا مواجهة شياطينك."

من غير المرجح أن يكون العلاج بالمخدرات مناسبًا للأشخاص الذين يعانون من الذهان، وستحتاج الهيئات التنظيمية إلى دليل على فعاليته وسلامته من خلال التجارب السريرية.

ولا وجود لدليل يذكر أنه يشكّل خطرًا من ناحية الجرعة الزائدة أو الإدمان، ما قد يسرّع الطريق نحو الموافقة عليه.

كان من المسموح قطف الفطر السحري الطازج أو شراؤه من المتاجر بشكل قانوني في المملكة المتحدة حتى العام 2005، عندما أدّى تغيير في القانون إلى سدّ هذه الثغرة مصنّفًا الفطر بين العقاقير من الفئة "أ" إلى جانب كراك الكوكايين.

ويقول الدكتور كارهارت - هاريس: "أتصور إذا كان بعض المراهنين يضعون الرهانات، فسترتفع المقامرة على أنّ [العلاج المخدّر] سيتم ترخيصه في وقت ما خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة - ربما في وقت أقرب."

وقد يضعه هذا في مسار تصادمي مع مصالح قوية لشركات تصنيع الأدوية، لا سيما إذا أظهرت التجارب أنّ علاج سيلوسيبين متفوق على مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية.

ويوضح كارهارت هاريس "أنّ الآثار المترتبة على ذلك مخيفة بالفعل بالنسبة إلي، حين أفكر في قوة شركات الأدوية الكبيرة ونفوذها. كيف سيتعاملون مع الوضع إذا ظهر طلب عام كبير على ’علاج الفطر‘ بدلًا من البروزاك؟"

وفي حين ينشأ ميل متنامٍ نحو تناول "جرعات صغيرة" من السيلوسيبين أو عقاقير LSD، تشير الأدلة حتى الآن إلى أنّ الجمع بين العلاج وتجربة المخدّرات هو الذي يقدّم أفضل خيار لبديل دائم عن مضادات الاكتئاب المزمنة.

ويضيف الدكتور كارهارت - هاريس: "إذا قمت بفصل الدواء عن العلاج، فستبدأ في رؤية الأحداث السلبية التي تم الإبلاغ عنها في الستينيات، عندما خرجت المخدرات عن نطاق العيادة وأصبحت شائعة. لا أحد منا يرغب في تكرار هذه الأخطاء."

الدكتور جيمس روكر هو أحد الباحثين الآخرين الذين يدرسون الفوائد المحتملة للمخدرات، في معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في جامعة كينغز كوليدج لندن.

يطلق فريق الجامعة تجربتين، تبحث إحداها فيما إذا كان علاج سيلوسيبين قد يساعد الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب المقاوم للعلاج بمضادات الاكتئاب التقليدية.

ويقول الفريق إنه "من الممكن" ترخيص الدواء في غضون خمس سنوات. "ولكن فقط إذا سارت الأمور وفقًا للخطة المرسومة، ومن المعروف ماذا يقال عن أفضل الخطط."

برأي الدكتور روكر، فهذه العملية شبيهة بالموافقة على الكيتامين، حيث أجريت أول تجارب على الاكتئاب في التسعينيات، وانتظرنا حتى الآن لنشهد ترخيص أول أدوية تحتوي على الكيتامين.

بالنسبة إلى السيلوسيبين، فهو يطرح احتمالًا أقل بكثير من الإدمان والجرعة الزائدة، ولكن لا تزال هيئات الرقابة بحاجة إلى المرحلة الثالثة من التجارب التي لم تبدأ بعد.

ووفق تصريح الدكتور روكر لصحيفة الإندبندنت "فهذه العلاجات، مثل سابقاتها، سوف تناسب بعض الناس دون سواهم، والخدعة، كما كانت دائماً، هي محاولة حل هذا الأمر قبل تقديمها. ولكن ثبت أنّ نجاح هذه الخدعة صعب للغاية، لا سيما في الطب النفسي".

Copyrights © assad-alard.com

المصدر:   http://www.assad-alard.com/detailes.php?id=16458