دحضت دراسة مهمة جديدة بالكامل مزاعمّ المشككين التي تُردد أن إعطاء الأمهات الحوامل لقاح الإنفلونزا يزيد خطر تعرض أطفالهن إلى مضاعفات صحية. تابع باحثون كنديون حوالى 104 ألف طفل خلال السنوات الخمس الأولى من حياتهم، من ضمنهم 31 ألفًا تلقّت أمهاتهم التطعيم ضد فيروس "إتش1 إن1" خلال تفشي "إنفلونزا الخنازير" في العام 2009. ولم يعثر العلماء على أي دليل يثبت أنّ تلقيح الأمهات يزيد خطر حدوث اضطرابات في تطوّر الطفل نفسيّاً وعصبيّاً وجسدياً، على غرار التوحد، أو التهابات الجهاز التنفسي، أو التهابات الأذن، أو السرطانات، أو الحالات الحسية، أو الاستشفاء الطارئ، أو الاضطرابات التي تدوم طويلًا، أو حتى الوفاة. ما حدّده أولئك الباحثون من مستشفى الأطفال في شرق أونتاريو بكندا، تمثّل في حدوث زيادة صغيرة نسبتها 5% في معدلات الإصابة بالربو لدى مجموعة الأطفال الذين تلقّت أمهاتهم لقاحًا. لكنّ معدّلات الشكاوى من مشكلات المعدة والجهاز الهضمي في هذه المجموعة كانت أقل بنسبة 6%، وقال الباحثون إنهم لم يجدوا "آلية بيولوجية" واضحة يمكن أن تفسر أيًا من هذه التأثيرات، وبالتالي فقد يكون الأمر محض صدفة. وغالباً، تُذكر المخاوف المتعلقة بالسلامة بوصفها سبباً لانخفاض معدل تطعيم الأمهات الحوامل. لُقّح أقل من نصف النساء الحوامل في إنجلترا في العام 2017/2018، وسُجّلت معدلات أقل بعد في أجزاء من أوروبا وأميركا الشمالية. ومع ذلك، تنص التوصيات الطبية الرسمية في المملكة المتحدة ومعظم البلدان الأخرى، على وجوب إعطاء اللقاح للحوامل كلهن لأنهن يندرجن ضمن أشدّ الفئات تعرّضًا للمخاطر الصحية، إلى جانب المسنين والأطفال في عمر مبكرة جداً. كما ازداد القلق بين المنظمات الصحية حول "التردّد في أخذ اللقاح"، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الانتشار السريع "لأساطير" التخويف من أضرار اللقاحات على وسائل التواصل الاجتماعي. وبدأت الموجة الحالية من المشاعر المعادية للتطعيمات، مع الباحث غير الموثوق أندرو ويكفيلد الذي ادّعى أنّ "اللقاح الثلاثي" ("حصبة ونكاف وحصبة ألمانية" Measles, Mump& Rubella) مرتبطٌ بمرض التوحد. ثمّ تضخّمت تلك المشاعر مجددًا عند انتشار وباء أنفلونزا الخنازير الذي أودى في العام 2009 بحياة ما يصل إلى 575400 شخص وفقًا لإحصاءاتت "المركز الأميركي لمكافحة الأمراض"، ورافقته حملةً عالمية لزيادة معدلات التطعيم. في الواقع، أظهرت دراسات متعددة أنّ لقاح الإنفلونزا غير مرتبط بزيادة مضاعفات الحمل مثل ولادة جنين ميت أو ولادة مبكرة. وتأكد الأمر نفسه عبر بحث جديد نُشر في "المجلة الطبية البريطانية" وغطّى نطاقًا أوسع يشمل الأمراض المبكرة في الطفولة. "بشكل عام، تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أنّ إعطاء اللقاح ضد إنفلونزا من نوع "إتش1 إن1" (الذي عُمّم في العام 2009) أثناء الحمل لم يكن مرتبطًا بالنتائج الصحية السلبية خلال الخمس سنوات الأولى عند الأطفال"، وفق العلماء الذين أجروا تلك الدراسة. وفي هذا السياق، ذكر خبراء مستقلون إنّ النتائج يجب أن تذكّر الأطباء بحاجتهم إلى سرد الوقائع على المرضى "بصوت عال وواضح". في مقال افتتاحي في "المجلة الطبية البريطانية"، أعرب سيري هابرغ من "المعهد النرويجي للصحة العامة" عن قناعته بأنه "في هذه الحالة، يتيح تطعيم النساء الحوامل تجنّب خطر نسبته ضئيلة لكن تأثيراته خطيرة، يتمثّل بوفاة الأم أو مرضها، إضافة إلى إمكانية وفاة الجنين... إنّ الخوف من إلحاق الأذى بالطفل لا أساس له، ولا يتعرّض الأطفال مطلقًا إلى خطر من ذلك النوع... من واجبنا أن نكون واضحين خصوصًا في هذه الفترة من التضليل والقلق من أضرار اللقاح. ويجب القول بوضوح إنّ تطعيم النساء الحوامل ينقذ الأرواح". © The Independent |
||||||||
|