مقايضات الدولار والثقب الأسود .. الشفافية مطلب


هل يهم إذا فقدت أثر 80 تريليون دولار؟ إنه سؤال يحتاج المنظمون العالميون إلى التفكير به عاجلا، وفقا لبنك التسويات الدولية.

بحث اقتصاديو بنك التسويات الدولية أخيرا بعمق في إحصاء العملات الأجنبية للبنك لتتبع الاتجاه في مقايضات الدولار – صفقات المشتقات التي تمكن المستثمرين من مقايضة الدولارات بعملات أخرى، لفترة محددة، قبل مبادلتها مرة أخرى.

قد يفترض الشخص العادي أن هذه زاوية شفافة من التمويل، نظرا لأن الدولار يدعم جزءا كبيرا من الصناعة العالمية كما تستخدم الشركات الكبيرة ومجموعات الاستثمار هذه المقايضات.

لكن الأمر ليس كذلك. يشير تقرير بنك التسويات الدولية ربع السنوي الأخير إلى أن التزامات الدفع الآجلة بالدولار "لا تظهر في الميزانيات العمومية وهي غير موجودة في إحصائيات الديون العادية"، لأنها غير مصنفة على أنها "قروض" في أنظمة المحاسبة، إنها خارج الميزانية العمومية – بعبارة أخرى، إنها كثقب أسود.

الثقب كبير بشكل مذهل.

 تشير أعمال التحري التي قام بها بنك التسويات الدولية إلى أن هناك ما يزيد على 80 تريليون دولار من الالتزامات المستحقة لدفع الدولار في مقايضات العملات الأجنبية – أو العقود الآجلة ومقايضات العملة.

تتضمن 39 تريليون دولار منها بنوك غير أمريكية، و26 تريليون دولار أخرى لجهات غير أمريكية وغير مصرفية مثل صناديق التحوط وشركات التأمين. علاوة على ذلك، نمت الفئة غير المصرفية سريعا، ما يقزم المخاطر في الميزانية العمومية، وعادة ما يرتبط بتباين آجال الاستحقاق.

لحسن الحظ، لا توجد علامات على التوتر الحالي، لكن يظهر التاريخ أن أسواق مقايضات العملات الأجنبية "معرضة لضغوط التمويل"، كما يشير بنك التسويات الدولية. ذلك لأنه عندما تحدث الصدمات، يخشى المستثمرون كيف سيدفعون التزامات الدولار هذه، ما يوجد تقلبات حادة في الأسعار.

بينما قمع الاحتياطي الفيدرالي الذعر في الماضي بجعل البنوك المركزية الأخرى تزود الدولار، يعني الثقب الأسود أن "البنوك المركزية التي تعمل بناء على القليل من المعلومات حول من يدين بالديون قد ساندت في 2008 و2020" سوق مقايضات الدولار. يناشد بنك التسويات الدولية الآن "بشكل معقول تماما" المصرفيين المركزيين لسد فجوة البيانات.

أتمنى أن يستجيب الاحتياطي الفيدرالي والآخرون للنداء، وأنشأ المنظمون مركز بيانات للبنوك العالمية المؤثرة في النظام، التي تتعقب بعض هذه التدفقات.

 لكن لا يجب على صانعي السياسات التوقف عند هذا الحد. أحد الأسرار الخفية للتمويل العالمي هو أن ثقب الـ 80 تريليون دولار الأسود هذا بعيد من أن يكون المكان الوحيد الذي نحتاج فيه إلى ضوء الشمس.

يعد مجال الائتمان الخاص أيضا غامضا بشكل مذهل. وكذلك هو سلوك دورة الائتمان الصينية، كما يشير بحث جديد من الاحتياطي الفيدرالي. هذا مهم لأن ظروف الائتمان الصينية لها آثار ممتدة كبيرة على أسواق الأصول العالمية، بما في ذلك الأسواق القائمة على الدولار.

لكن هناك جانب آخر من ضبابية البيانات المفاجئة وهو سندات الخزانة التي تدعم جزءا كبيرا من النظام المالي "مثل مقايضات الدولار". وأصبح من الواضح أثناء اضطراب السوق الكبير في 2020 أن هياكل تداول السوق الثانوية بها نقاط ضعف كبيرة لم تفهم– أو يبلغ عنها– من قبل. وبينما تحاول هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية ووزارة الخزانة الأمريكية إصلاح هذا، فإن التقدم بطيء.

في الوقت نفسه، تعاني السوق الأولية مشكلات الشفافية الخاصة بها، كما جادل الاقتصاديان ألكسندرا إم. تابوفا وفرانسيس إي. وارنوك أخيرا. تظهر البيانات العامة العروض الإجمالية في مزادات السندات والأنماط الواسعة للمشتريات الأجنبية، لكنها لا تكشف عمن اشترى السندات وأي سندات أو حساسية الأسعار.

هذا مهم، كما يجادلان، بالنظر إلى مركز الأصول الأجنبية السلبي للحكومة الأمريكية البالغ 18 تريليون دولار. إنها بحاجة إلى معرفة "أي المستثمرين سيتدخل ويشتري سندات الخزانة" في مواجهة شبح ارتفاع عوائد سندات الخزانة الوشيك، بينما يقلص الاحتياطي الفيدرالي في الوقت نفسه محفظة الخزانة الخاصة به.

كما بحث تابوفا ووارنوك في مصادر البيانات الخاصة وخلصا إلى أنه بينما يمتلك غير الأمريكيين نحو نصف جميع سندات الخزانة، فإن سلوكهم يساء فهمه. مثلا، بينما تزعم الإحصاءات الرسمية أن المستثمرين الأجانب من القطاع الخاص كانوا يشترون 3.5 تريليون دولار من سندات الخزانة كل عام أكثر من الحكومات الأجنبية بين 2005 و2019، فإنهما يعتقدان أن الحكومات الأجنبية اشترت بالفعل تريليون دولار أكثر من المستثمرين الأجانب من القطاع الخاص. هذا أمر مهم، حيث إن مشتريات الحكومات الأجنبية قد تباطأت أخيرا، وقد أدت "بطريقة غير مرنة سعريا" لافتة للنظر سابقا، بمحافظ ذات فترات أقصر بكثير من مستثمري القطاع الخاص.

الخبر السار هو أن رقمنة البيانات الخاصة تجعل القيام بهذا النوع من أعمال التحري أسهل من ذي قبل، الأفضل من ذلك أن وزارة الخزانة الأمريكية أنشأت مكتب الأبحاث المالية بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، الذي من المفترض أن ينظر إلى الأسواق نظرة شاملة.

لكن الخبر السيئ هو أن مكتب الأبحاث المالية واجه دعوات لخفض ميزانيته، ولا يمكنه أن يأمل في الحصول على بيانات أفضل عن مقايضات الدولار أو سندات الخزانة دون مساعدة البنوك المركزية.

لذا نأمل أن تتعامل الحكومة الأمريكية "من بين أخرى" مع الكشف عن ثقب الـ 80 تريليون دولار الأسود على أنه تنبيه. في النهاية، إذا كانت هناك لحظة يحتاج فيها المصرفيون المركزيون إلى فهم نقاط الضعف الحقيقية الناشئة عن الديون المرتبطة بالدولار، فهي عندما يواجه العالم مخاطر جيوسياسية وألما اقتصاديا وتحديات سياسية على سيادة الدولار، وهذا هو بالضبط ما يمكن أن يحدث في 2023.

وكالات

Copyrights © assad-alard.com

المصدر:   http://www.assad-alard.com/detailes.php?id=28987