رحل اليوم الروائي السوري حيدر حيدر (1936- 2023) الذي استفزّت روايته "وليمة لأعشاب البحر" المتطرفين ودفعت بهم للتظاهر في جامعة الأزهر بعد أن أعاد نشرها في طبعة ثانية الروائي الراحل إبراهيم أصلان ضمن سلسلة آفاق الكتابة التي تصدر عن وزارة الثقافة المصرية. حيدر كان يرى أنه تم إغلاق كل بوابات المستقبل والأمل في العالم العربي
وأشعلت الرواية مطلع الألفية الجديدة معركة ثقافية فريدة في مصر، بين مؤيد ومستنكر لها، ما جعل سعرها يرتفع في ذلك الوقت من 3 جنيهات بعد أربعة شهور من نشرها إلى 100 جنيه في بعض المكتبات التي استغلت هذه المعركة. مجابهة القمع
وأراد الروائي حيدر من روايته وفق ما ذهب إليه الناقد مراد كاسوحة "فضح الأنظمة القمعية التي جاءت بعد الاستقلال والتي سرقت الفرح من مواطنيها وغرّبتهم داخل وخارج وطنهم وزرعت في أعماقهم المآسي والأحزان. وخرجت هذه الرواية من طور المعاناة السلبية لبعض الأعمال الإبداعية العربية إلى مرحلة الهجوم الجريء الذي اعتمد أسلوب شجاعة الطرح والمعالجة لا أسلوب الانكفاء الحزين على الذات". شيء من السيرة ويذكر أن "حيدر" عمل في التدريس وشارك في ثورة "التعريب" في الجزائر، والتحق بالفصائل الفلسطينية في بداية الحرب اللبنانية، من خلال اتحاد الكتّاب الفلسطينيين في بيروت. وغادر حيدر في أوائل الثمانينيات، بيروت إلى قبرص ليعمل في مجلة الموقف العربي، مسؤولاً عن القسم الثقافي فيها، لتصدر بعدها روايته الأولى "وليمة لأعشاب البحر" عام 1984، ثم عاد إلى سوريا وتفرغ للعمل الأدبي. كما يُشار إلى أن الأديب الراحل هو من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في دمشق، ومن أشهر أعماله إضافة لرواية "وليمة لأعشاب البحر": الفهد، التي حولها المخرج الراحل نبيل المالح إلى فيلم سينمائي لعب بطولته الفنان الفلسطيني أديب قدورة، والومض، الزمن الموحش، مرايا النار، وشموس الغجر. وقد ترجمت له قصص إلى اللغات الأجنبية: الألمانية، الإنكليزية، الفرنسية، الإيطالية والنرويجية وغيرها، كما أنجزت في كتبه رسائل جامعية للدراسات العليا والماجستير في أكثر من بلد عربي. وتبقى روايات حيدر بعد هذا الرحيل صوتَ إنذارٍ من هذا الخراب العربي الذي كرّس دونية المواطن ورفع مقامات الزعامات المستبدّة إلى مستوى الأولياء الصالحين. إعداد: نضال بشارة |
||||||||
|