الخريف الأميركي.. المايسترو جورج سوروس!.. بقلم قاسم شعيب


يُخطئ مَن يظنّ أن أميركا تحكم العالم، أو أنها دولة مستقلّة تقرّر مصيرها بنفسها. الولايات المتحدة الأميركية ليست، في واقعها، إلا مُستعمرَة ضخمة لأصحاب رؤوس الأموال العابرة للقارات. وأميركا في ذلك لا تختلف عن أية دولة رأسمالية تخضع لسلطة رأس المال المحمي بقوة القانون والارتباط التنظيمي والصفقات السرّية. والذين يمتلكون رؤوس الأموال الضخمة، هم الذين يُحرّكون اللعبة عبر العالم، وهم الذين يُحدّدون من يصبح رئيساً في البيت الأبيض.

لا تكاد التظاهرات تتوقّف داخل الولايات المتحدة الأميركية منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً. وقد وصلت الآن إلى بوسطن المؤيّدة تاريخياً للديمقراطيين، حيث نزل آلاف الأشخاص المناهضين للعنصرية في تظاهرة حاشدة ألقت بظلالها على تجمّع للبيض القوميين في المدينة.

منذ إعلان نتائج الانتخابات، توعّد الملياردير جورج سوروس منذ البداية بإسقاط ترامب. ومن يقرأ في ما وراء الوقائع، يفهم أن الولايات المتحدة الأميركية أصبحت الهدف التالي لرؤوس الأموال الكبيرة، وهي في معظمها صهيونية، من أجل تخريبها وتدميرها وتحويلها إلى ولايات أميركية منقسمة ومدمّرة للتخلّص منها بعد أن انتهى الدور الذي أوكِل إليها طوال القرون الثلاثة الأخيرة. كانت أميركا طوال المرحلة الماضية القاعدة الأساسية التي استخدمها اليهود الصهاينة لمراكمة الثروة والسيطرة على العالم وإدارة الصراعات بشكل خفيّ لا ينتبه إليه إلا من غاص في عوالمهم الخفيّة.

جورج سوروس هو أحد هؤلاء الرأسماليين الكبار الذين يرسمون المشهد الجديد. بدأ حياته نادلاً، ويوصف بأنه "عبقري المضاربة". غير أن العارفين يقولون إن روتشيلد هو مصدر ثروته وهو الداعم الأول له، أو لنقل إنه أحد موظّفي روتشيلد الكبار. تُقدّم عائلة روتشيلد المِنح لمنظمة كوانتم، وهي شركة استثمارات خاصة من شركات الأوف شور يمتلكها جورج سوروس. كما أن مدير بنك سوسيتيه جنرال المملوك لسوروس، مايكل شيكوريل، هو عضو في إحدى شركات عائلة روتشيلد، وأحد شركاء سوروس كذلك هو جيمس غولد سميث كذلك من المرتبطين بعائلة روتشيلد. ويقول الجيوسياسي ويليام أنجدال إن نجاح جورج سوروس وثراءه الفاحش ليس نتيجة الحظ بل نتيجة الدعم السرّي له من عائلة روتشيلد.

يبدو سوروس واحداً من هؤلاء الصهاينة المُتحكّمين في اللعبة الإعلامية والسياسية في أميركا والعالم. اشترى مؤخّراً أسهماً في الفيسبوك، وهو أكبر مموّل وداعم للمنظّمات غير الحكومية المعروفة بمنظّمات المجتمع المدني المفتوح، وله مؤسسة بإسم "سوروس للمجتمع المدني المفتوح" SOS ، وهو أيضاً مموّل فريدوم هاوس ونيدNED والصندوق الوطني للديمقراطية ومركز أبحاث كارنيجي، وهو كذلك يُقدّم تبرّعات ضخمة لمنظّمة هيومان رايتس ووتش.

كان لسوروس الدور الأكبر في الثورات الملوّنة المختلفة التي أطاحت بكثير من الأنظمة من جورجيا إلى أوكرانيا، ومن أوروبا الشرقية إلى العالم العربي. وقد أكّد الرئيس الجورجى السابق إدوارد شفاردنادزه ذلك عقب تنحّيه عن السلطة تحت ضغط المعارضة الجورجية، حيث اتّهم شيفاردنادزه صراحة جورج سورس بتدبير الانقلاب، وتمويل المعارضة اليمينية في جورجيا، ثم تنظيم انتخابات توصل من يريد إلى الحكم على غرار ما حدث في يوغسلافيا.

وفي تونس، التي زارها سوروس بعد عزل الرئيس السابق بن علي، كشفت تقارير أمنية رسمية عن وقوف جورج سوروس وراء تمويل 50 جمعية تونسية بعضها ينشط في مجال مكافحة الفساد وأخرى ذات صبغة حقوقية قضائية. وقالت تلك التقارير إن تمويلات تحصّلت عليها جمعيات تونسية من منظّمات غربية تبيَّن أنها تحت إشراف جورج سوروس وتراوحت التمويلات التي تم صرفها بين 20 ألف و100 ألف دولار سنوياً لكل جمعية منذ سنة 2011.

ويبدو أن الدور الآن على أميركا نفسها. فمن المعروف عن سوروس دعمه للحزب الديمقراطي الأميركي. فهو من دعم باراك أوباما وموّل حملاته الانتخابية للوصول للحكم، ولا شك في تأثيره المباشر في سياسات البيت الأبيض. وهو الآن يموّل التظاهرات والاحتجاجات المستمرّة ضدّ ترامب من خلال دعمه للديمقراطيين. وهو دعم له أهدافه في خلق حال من الاضطراب والفوضى الداخلية، أوجدت ضغطاً أدّى إلى استقالة أكثر من 14 مسؤولاً ومستشاراً مهماً آخرهم كبير الخبراء الاستراتيجيين  ستيف بانون.

في حديث له في شباط / فبراير 2016 قال سوروس، الذي لا يخفي انتماءه، إن أغنياء العالم الـ52 هم في الأصل من العوائل الحاكِمة في "إسرائيل" وينحدرون من عائلات الأسباط الأثني عشر، مشيراً إلى امتلاكهم لـ 19 تريليون من النقد في العالم.

وأضاف إن "من بين هذه العوائل توجد 4 عائلات مسيطرة على الاقتصاد ككل وعلى صندوق النقد الدولي، بالإضافة على استيلائهم على الإعلام الألماني والأميركي..". وإن "البعض الآخر يتحكّم في تكنولوجية المعلومات التي من خلالها يتحكّمون في مراقبة مشاهير العالم في الفن والاقتصاد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم". والأخطر في تصريحاته قوله إنه "تم إنشاء مركز خاص لمعرفة نقاط القوة والضعف لدى جميع الأشخاص، ومُؤكّداً في الوقت ذاته إن أسرار العالم أصبحت كتاباً مفتوحاً أمامنا". وسوروس يشير بذلك إلى مواقع التواصل الاجتماعي والأنترنت إضافة إلى سيطرتهم على الأنظمة التي تمدّهم بكل ما يحتاجونه من معلومات أمنية. فبالأساس وُجد الفيسبوك والتويتر وغيرهما من أجل التمهيد للثورات الملوّنة في أوروبا الشرقية والعالم العربي ومناطق أخرى مثل إيران وأوكرانيا.

جورج سوروس الملياردير الأميركي الخزري من أصل مجري، باع كل أسهمه واستثماراته في بنوك كبرى من بينها غولدمان ساكسGoldmanSacs  وسيتي غروب City Group  وجاي بي مورغان شايس JP Morgan وويلز فارغو، ومصارف أصغر مثل ريجنز فاينن.

وهذه البنوك وخاصة منها بنوك غولدمان ساكس وسيتي غروب تموّل الثورات الملوّنة حيث أنها ضمن الرعاة الرسميين لبعض منظمات المجتمع المدني المفتوح منهم نيد NED كما تموّل هذه البنوك معاهد أبحاث ضخمة منها معهد بروكينغز Brookings ومجلس العلاقات الخارجية الأميركي CFR ونظيره الأوروبي شاتام هاوس. وفي المقابل ضاعف جورج سوروس استثماراته في الذهب حيث بلغت أسهمه في جولد تراست المدعوم بالذهب إلى 884,400 سهم.

والاستثمار في الذهب قد تكون له دلالات أخرى وهي توقع أزمة اقتصادية كبيرة وانهيار الدولار. وفي الحقيقة لا شيء يحدث صدفة في عالم يتحكّم في اتجاهه وفي كل خطواته مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة المنتظمين في نادي بيلدبيرغ.

يؤمن جورج سوروس بفكرة النظام العالمي الجديد الذي يدعو إلى إقامة نظام عالمي موحّد لتوسيع العولمة لنكون أمام عالم واحد وحكومة واحدة وسوق مشترك واحد وجيش واحد وتعليم واحد ودين واحد. وذلك النظام العالمي الجديد يحتاج إلى هدم القديم لإقامته على أنقاضه. ومن هنا حديثهم عن مخطّطاتهم في الفوضى الخلاّقة والحرب الكونية الثالثة والكوارث الطبيعية والأمراض والأوبئة..

أميركا في هذا كله ليست استثناء. كانت مجرّد وطن بديل للنافذين اليوم بثرواتهم الهائلة. وهم الآن يعملون لضربها اجتماعياً واقتصادياً تمهيداً لافتعال حروب وكوارث تدمّرها لتسهيل انتقالهم إلى نظامهم الجديد المزعوم، كما هو واضح في تصريحات زعمائهم ومسؤوليهم وكما تقول تسريباتهم.

المصدر: الميادين نت

Copyrights © assad-alard.com

المصدر:   http://www.assad-alard.com/detailes.php?id=355