إلى الوُسطاء العرب: أوقفوا هذه المهزلة التي اسمها “المُفاوضات” وأغلقوا أبوابكم في وجه قادة المُخابرات الأمريكيّة والإسرائيليّة المُشاركين فيها إذا كُنتم عربًا فِعلًا.. بقلم: عبد الباري عطوان مُنذ اليوم الأوّل من بدء المُفاوضات للتوصّل إلى اتّفاقٍ لوقفِ الحرب في قطاع غزة، كانت لديّ قناعة راسخة بأنّها “مصيدة”، الهدف الرئيسي منها كسب الوقت، والتجسّس على أماكنِ المُقاومة وقياداتها، والبحث بطُرقٍ سريّةٍ للوصول إلى أماكن الأسرى الإسرائيليين بهدف إطلاق سراحهم، واستخدام الوُسطاء العرب في القاهرة والدوحة كورقة ضغط وترهيب على قادة كتائب “القسّام” و”سرايا القدس”، والفصائل الأُخرى المُقاومة. بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يرد مُطلقًا وقف إطلاق النار، ولا حتّى الانسحاب من قطاع غزة، والإفراج عن الأسرى، ولهذا لم يذرف دمعةً واحدة على قتلهم برصاص الجُنود الإسرائيليين في القطاع، واستخدم كُل أدوات الإبادة والتّطهير العِرقي لتحقيق أهدافه في القضاء كُلّيًّا على حركتيّ حماس والجهاد الإسلامي، وإعادة احتلال القطاع بعد تهجير مِليونين من أهله والاستيلاء على ثرواته “الغازيّة”، ومكانته الاستراتيجيّة والسياحيّة. *** الولايات المتحدة التي ترعى هذه المُفاوضات وتُوظّفها لتحقيق الأهداف الإسرائيليّة عبر الوُسطاء العرب (حُلفائها)، شريكٌ مُباشر، وليس راعيًا “نزيهًا”، ولم تضغط مُطلقًا لإجبار نتنياهو، وكُل تهديداتها بوقف إرسال المعدّات العسكريّة والقنابل العملاقة والصّواريخ الدّقيقة لدولة الاحتلال كانت أكاذيب، وذرًّا للرّمادِ في العُيون، عيون العرب طبعًا. الوُسطاء العرب يُشاركون في المُؤامرة، ويُقدّمون لها القناع لتغطية أكاذيبها ومُخطّطاتها المُتآمرة لدعم حرب الإبادة والتّطهير العِرقيّ، وإلّا لماذا يستضيف هؤلاء الوُسطاء هذه المُفاوضات وكُل المُشاركين فيها من قادة أجهزة القتل الاستخباريّة في عواصمهم على مدى تسعة أشهر، وأعداد الشّهداء في القطاع في تصاعدٍ مُستَمِرٍّ حتى وصلت إلى أكثر من 186 ألفا حسب مجلة “لانست” الطبيّة البريطانيّة المُحترمة، والمعروفة باستقلاليّتها ودقّة أبحاثها، وخاصَّةً عندما تحدّت التّحالف الأمريكي- البريطاني في حرب العِراق عام 2003 وأكّدت أنّ عدد شُهداء العِراق يزيدون عن مِليون شهيد مُعظمهم من النّساء والأطفال. إسرائيل تشنّ حاليًّا حملة تجويع على مِليونين من أبناء القطاع، ويخرج خُبراء أُمميون تابعون للأمم المتحدة اليوم ليُعلّقوا الجرس، ويُعلنون أنّ هذه الحملة بدأت تفتك بشراسةِ بأرواح الأطفال والمدنيين، ولم نسمع كلمةً واحدة من الوُسطاء في الدوحة والقاهرة ضدّ هذه الحملة، وإغلاق أبواب عاصمتيهم في وجوه طاقمي الوفدين الإسرائيلي والأمريكي الذين بدأوا في الوصول إليها، للبدء في مُسلسل الكذب والخِداع الذي اسمه المُفاوضات. لا نُريد من مِصر أو قطر إرسال قوّاتها وطائراتها إلى قطاع غزة لفتح المعابر السّبعة المُغلقة، وإدخال المُساعدات بقِوى السّلاح، نُطالبهم فقط بالانسحاب من هذه الخدعة التي اسمها المُفاوضات، واشتِراط القُبول مُسبقًا بالاتّفاق المُعدّل الذي قبلته قيادة المُقاومة لوقف الحرب، ورفضته حُكومة نتنياهو الفاشيّة. *** فإذا كان الهدف من هذه المُفاوضات هو تقديم الغطاء لاستمرار حرب الإبادة هذه، فعلى العواصم التي تستضيفها، التوقّف عن استضافتها، وإغلاق الأبواب في وجه حجيج الوفد الأمريكي وحجيج الوفد الإسرائيلي إلى أراضيها وهذا أضْعَفُ الإيمان، وأقصَرُ الطُّرُق لخدمة الشّهداء الأحياء في قطاع غزة، ووقف هذه المهزلة. نَحمَدُ الله أنّ هُناك قيادة مُقاومة صلبة ووطنيّة شريفة وذكيّة في قطاع غزة، تعرف عدوّها جيّدًا، ولا تثق بهذا الرّاعي الأمريكي المُتواطئ وترفض التّنازل ميلّيمترًا واحدًا عن شُروطها، وتُواصِل في الوقت نفسه أعمال المُقاومة، وتُكبّد هذا العدو خسائر كبيرة بشريّة ومعدّاتيّة بحيثُ أصبح اصطِياد دبّابات الميركافا أسهل من اصطِياد العصافير على ما تبقّى من أشجارِ القطاع الصّامدة. |
||||||||
|