ترامب لا يخيف أحدا.. الجحيم سيبقى جحيماً.. والجنة المفقودة لإسرائيل لا سبيل اليها.. بقلم: نارام سرجون منذ أن وضعت الانتخابات الامريكية أوزارها وأنا أكاد أكون في ليلة رأس السنة، حيث يتدفق المنجمون وقراء البخت والفنجان ومن يقولون انهم يقرؤون حركات النجوم والاقمار ويأخذوننا في رحلة سياحية الى المستقبل.. كم بختا سمعت.. وكم أمسك المنجمون وقراء الكف بيد المستقبل وكم سمعنا من البصارين والبصارات.. عن هذا المولود الجديد الذي يسمونه دونالد ترامب الثاني.. البعض يرى فيها انه مشروع الاجهاز على ايران .. واكمال مشروع اسرائيل الكبرى.. والبعض يرى فيه انه رجل جديد وأنه قد تغير.. ولذلك فانني استمعت الى الجميع .. وأخذت الفناجين من ايدي الجميع ولممت عصا السحرة من ايدي المتشائمين والمتفائلين .. وشكرتهم ثم طلبت منهم ان يغادروا حياتي التي زحموها.. لست بقارئ للنجوم .. ولا بمطلع على الاسرار والسرائر .. ولكنني أحاول ان أبعد نفسي عن السحرة والمشعوذين .. وعن المتفائلين والمتشائمين .. وأنظر الى هذا الترامب .. وألفّ حوله وأطوف .. وأنظر الى وجهه وقفاه والى جانبيه … وكما يفعل أطباء العيون أسلط الضوء في عينيه وأقترب منهما جدا لأقرأ تفاعلهما وما يقول الاطباء انه رؤية لقعر عين ترامب وما يحفي فيهما من رؤى وتصورات .. ومن ثم أفحص أنفه وبلعومه وأذنيه بمعدات أطباء الحنجرة والانف لاعرف ما الذي يسمعه عقله .. وأستل سماعة طبية واستمع الى ضربات قلبه وأصوات أنفاسه .. اسمع شهيقه وزفيره .. وأخيرا ألمس بطنه وأزعم انني أجس كبده ونبضه .. كي أعرف هذا الكائن الذي يسمونه دونالد ترامب.. وعلمت من هذا الفحص ان الرجل مصاب بالداء الصيني .. وانه يهلوس باسم الصين .. وكأنه تعرض لصدمة نفسية جعلته يهذي باسم الصين.. المهم ان من يريد ان يقرأ ترامب فعليه ان يفهم ان الرجل لديه قضية واحدة هي الصين وأميركيا وأنه يرى ان موت اميركيا سيكون على يد الصين لا روسيا ولا على يد العرب طبعا ولا على يد الايرانيين وبالتأكيد ليس على يد الاتارك .. وحتما ليس على يد دولة قطر العظمى .. لأنه باختصار يريد استعادة الصناعات التي هاجرت من أميريكا ولم تبق فيها الا صناعة السلاح بضاعة الحروب .. واستقرت كل الصناعات في الصين .. فيما ترامب يريد ان يعود زمن اميريكا التي تصنع كل شيء للعالم الحرب والسلع .. بدل ان تصنع الطائرات والدبابات والقنابل الخارقة للحصون .. فهذه تجارة تفيد بعض الاميريكيين فقط فيما بقية الصناعات والتجارة تفيد الصينيين فقط.. للوصول الى هدفه هو تاجر يدرك ان الصين تنين وليست مملكة سعودية يذهب اليها وينهبها كما يشاء .. فليس فيها ولي عهد ولا ملك ولاأمير بل هي تنين هائل الحجم سيكون اصطياده أعظم انجاز لصياد مثله .. تنين لايمكن حلبه كما تحلب الابقار والنوق الخليجية العربية .. وهو يدرك ان عملية اسقاط الصين اقتصاديا مهمة تكاد تكون مستحيلة .. ولكنه بحذق التاجر يدرك ان وسيلته الى ذلك هي اوروبة وروسيا وايران.. وأما اوروبة فهي نموذج تابع لاميريكا منذ ان أنزلت فيها القوات الاميريكة في النورماندي .. حيث تحررت اوروبة من الاحتلال الالماني وليحل محله الاحتلال الامريكي ..فاوروبة ليس لديها قرار سياسي ولا اقتصادي .. وقد ظهرت على حقيقتها العارية في الحرب الاوكرانية حيث كانت تتصرف كما البقرة السعودية الحلوب .. تشتري وتدفع اكلاف الحرب وتعاني من الافلاس والنزيف الاقتصادي وهي صاغرة .. وطبعا فان ترامب سيقود اوروبة كما يقود راعي البقر مواشيه الى المواجهة الاقتصادية مع الصين. ولانه سيحتاج الى فك ارتباط روسيا بالصين فانه سينهي حرب اوكرانيا وسيعطي الروس ما يشتهون أو معظم ما يشتهون من اوكرانيا .. وسيفتح خطوط السيل الشمالي وغير الشمالي ليتدفق الغاز الروسي والنفط الروسي الى أوربة .. وهذا ما سيجرف الطاقة الروسية من الصين الى اوروبة ثانية .. وسيكون هدف السياسة الاميريكة هو تكرار لفترة كيسنجر ونيكسون عندما فتحا الصين الشيوعية العدوة .. من أجل محاصرة روسيا الشيوعية .. ولكن هذه المرة سيحاول الاميريكي الفصل بين روسيا والصين لمصلحة روسيا .. بحيث تفقد الصين مصدر طاقة مهما.. المصدر الثاني للطاقة هو ايران والخليج .. وأما الخليج فامره محسوم .. وما عليه الا ان يأمر الابقار ان تجفف ضروعها وتمنع الصينيين من ضروعها النفطية .. وتبقى ايران التي تعتمد عليها الصين كخط احتياط هام .. وهنا ستكون المعضلة .. فترامب عدو ايران وقاتل سليمانها .. والرجل الذي شطب الاتفاق النووي والداعم لاسرائيل .. ولكن التاجر ترامب يريد الصين لا ايران .. الا ان ايران أحد اقفال الصين الكثيرة .. ولأن ايران مفتاح من مفاتيح الصين فانه سيفاوضها بجدية من أجل ملفها النووي ومن أجل بعض مصالحها في المنطقة .. وسيبحث في أثمان يقدمها لايران وقد يهددها بالحرب اذا لم تخرج من حلفها مع الصين .. وقد يكون اعتذاره عن قتل قاسم سليماني بتقديم رأس نتنياهو عربون صداقة خاصة ان نتنياهو متهم باغتيال صديق ايران السيد حسن نصرالله وعددا من القادة الايرانيين .. وسيكون التخلص من النتن طريقا لبدء مفاوضات تهدئة الصراع في المنطقة واحلال الهدوء في غزة ولبنان ولكن ليس على حساب اسرائيل التي سيقول ترامب انه اهداها القدس والجولان .. ولكن الطريق الهندي الذي كان سيصب في حيفا سيبقى ضروريا لاضعاف الاقتصاد الصيني .. فهل يطرح ترامب ان يكون مصب الخط في غزة كدليل على رغبته في ازالة آثار بايدن (الشرير) وكمسكن لآلام العرب لأنه سيحول غزة الى مستعمرة اسرائيلية بالتدريج على طريقة اتفاق اوسلو المخادع الذي سمح باستيطان الضفة بحجة السلام ؟.. وفيما يتعلق بالوجود الاميريكي في سورية فان ترامب سيجد نفسه يفاوض سلة كاملة بين روسيا وايران .. ولكنه سيكون متحررا من القيود التي فرضت عليه في الولاية الاولى عندما فكر بالانسحاب من سورية .. وسيجدد عرضه بالانسحاب ولكنه يريد بيع انسحابه للروس والسوريين والايرانيين على أساس انه انسحاب مكلف جدا وليس له مؤيدين .. وأما الثمن الذي سيطلبه ترامب فلا يعرفه أحد .. لكنه سيكون قابلا للتفاوض لأنه قد لا يتعلق باسرائيل بل بالصين.. الطموح الترامبي كبير جدا .. ولن يكون بالامر السهل أن يتحقق خاصة ان معركته مع الدولة العميقة ربما لم تحسم بعد .. وقد تجلت في محاولة اغتيال الاولى التي ستتكرر .. فالرجل سيسحب منها استراتيحية بيع الحروب والسلاح ومحاصرة روسيا .. وقد يرى الاسرائيليون ان اتفاقه الممكن مع ايران كابوس لا يمكن التعايش معه وستبقى ايران قوة كامنة وعلى العكس فان الحرب الحالية اذا لم تحسم ضد ايران او ما يسمى حلفاءها على الأقل بنصر بائن فان القلق الوجودي سيكبر بين المستوطنين ولن ينتظروا 7 اوكتوبر جديدا .. وسيرحلون مدفوعين بقلق لا يزول .. وعندها سيكون التخلص من ترامب الحل الافضل .. والا فان كل اسرائيلي سيفكر في الهحرة لأن ظروف 7 اكتوبر لم تختف .. ولن تختفي بعد اليوم الا بزوال كل غزة وكل جنوب لبنان وكل سورية وكل ايران .. حلم ابليس في الجنة .. فجنة اسرائيل هي عرب بلا مقاومين .. وبلا سورية وبلا ايران .. شرق مليء بالعبيد من العرب .. وأنصاف الرجال .. والمخنثين والمرتزقة .. وكلاب الدولار.. |
||||||||
|