عاجل

القبض على سارقي الكابلات الكهربائية بين محطتي دير علي وعدرا    تراجع أسعار الذهب عالمياً الأربعاء مع ارتفاع الدولار والتركيز على بيانات التضخم الأمريكية    انخفاض أسعار النفط الأربعاء لليوم الثاني مع زيادة مخزونات الخام الأمريكية    

لماذا يرفض بوتين لقاء قمة مع اردوغان لحل الازمة في ادلب سلميا؟ وكيف تحولت نقاط المراقبة التركية العسكرية في المحافظة الى ورقة ضغط قوية في يد الجيش السوري؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة في الأيام القليلة المقبلة؟00 بقلم عبد الباري عطوان

2020-02-11

لماذا يرفض بوتين لقاء قمة مع اردوغان لحل الازمة في ادلب سلميا؟ وكيف تحولت نقاط المراقبة التركية العسكرية في المحافظة الى ورقة ضغط قوية في يد الجيش السوري؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة في الأيام القليلة المقبلة؟00 بقلم عبد الباري عطوان

كان لافتا ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يستجب “حتى الآن” لطلب لقائه الذي اعلنه نظيره التركي رجب طيب اردوغان اكثر من مرة لبحث تصاعد حدة المواجهات في محافظة ادلب، وتزايد احتمالات تحولها الى حرب شاملة اثر تقدم قوات الجيش العربي السوري واستعادتها عشرات القرى والبلدات، علاوة على ثلاث مدن رئيسية هي خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب، وفتح الطريقين الدوليين اللذين يربطان بين حلب ودمشق، وحلب واللاذقية لأول مرة منذ عام 2012.

رفض الرئيس بوتين لقاء نظيره اردوغان يعكس استيائه من التعزيزات العسكرية التركية في منطقة ادلب التي تتناقض مع اتفاق سوتشي بين الزعيمين، ومحاولة الرئيس اردوغان اجبار القيادة الروسية على بدء مفاوضات جديدة للتوصل الى اتفاق بديل، عنوانه الأبرز اعلان هدنه جديدة واجبار القوات السورية على الانسحاب من كل الاراضي والمدن التي استعادتها في الاسابيع الأخيرة، والحصول على ضمانات باستمرار الوجود العسكري التركي في عفرين وجرابلس والباب.

فشل المفاوضات التي اجراها الوفدان العسكريان الروسي والتركي في انقرة، العاصمة التركية حول ادلب يعني ان الروس يرفضون جميع المطالب التركية، ويصرون على التزام الرئيس اردوغان بإتفاق سوتشي وتطبيقه حرفيا والتوقف عن اسلوب المناورة لكسب الوقت والا الحل العسكري الذي بدأه الجيش العربي السوري المدعوم روسيا في الجو، وعلى الأرض، سيكون الخيار الوحيد.

حرب الاعصاب التي اطلقها الرئيس اردوغان وتمثلت في بيانه الذي قال فيه ان قواته “حيدت” 101 جندي سوري ردا على مقتل 13 جنديا تركيا بقصف صاروخي سوري لنقطة مراقبتهم في ريف ادلب أعطت نتائج عكسية تماما، خاصة عندما “كذّب” المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض ما ورد في هذا البيان، واكد انه لم يقتل أي جندي سوري في أي قصف تركي، وتبين ان هذا البيان جاء لامتصاص حالة الغضب في اوساط الرأي العام التركي من جراء مقتل هذا العدد من الجنود الاتراك، وهو العدد المرشح للارتفاع اذا ما توسعت دائرة المواجهات في الايام المقبلة.

***

هناك 3 تطورات مهمة يجب تسليط الأضواء عليها قبل محاولة التوصل الى نتائج محتملة يمكن ان تترتب على هذا التصعيد السوري التركي:

أولا: ان رهان الجانب التركي على قوات المعارضة السورية المسلحة، والجيش الحر على وجه التحديد، ثبت فشله، فقد انسحبت جميع هذه القوات من المدن الثلاث خان شيخون ومعرة النعمان، ولم يدافع عنها مطلقا بالشكل المتوقع، ودخلها الجيش العربي السوري دون ان يخسر جنديا واحدا.

ثانيا: نقاط المراقبة العسكرية التركية (12 نقطة) في ريف ادلب التي جرى اقامتها تطبيقا لاتفاق خفض التصعيد في ادلب وريفها، باتت تشكل عبئا، ونقطة ضعف قاتلة للجانب التركي، لان سبعة منها باتت محاصرة حاليا من قبل الجيش العربي السوري تضم كل واحدة مئة جندي تركي تقريبا، ويمكن تدميرها وقتل كل من فيها في حال حدوث أي هجوم تركي على القوات السورية.

الثالث: الدعم الروسي لزحف الجيش العربي السوري تعزز اكثر من أي وقت مضى عندما اطلقت خلايا تابعة لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) طائرتين مسيرتين اثنتين باتجاه قاعدة حميميم الروسية الجوية جرى اسقاطها يوم امس.

الرئيس اردوغان اصدر إنذارا ثانيا للجيش السوري بالتصدي له بقوة اذا لم ينسحب الى خطوط سوتشي، ويتحلى بالتالي عن كل إنجازاته الأخيرة  ولكن هذه الإنذارات لم تعد تؤخذ بالجدية المطلوبة، تطبيقا للمثل الذي يقول “من يهدد لا يكبر حجره”، وكان الرئيس اردوغان هدد بإرسال آلاف الجنود الاتراك الى ليبيا للقتال الى جانب حكومة الوفاق تطبيقا لاتفاقه مع رئيسها فايز السراج، ولكنه لم يرسل جنديا تركيا واحدا، رغم استصداره قرارا من البرلمان في هذا الصدد، واكتفى بإرسال، او بالأحرى التخلص، من 4500 مقاتل من الإسلاميين السوريين المتشددين، لادراكه المخاطر المترتبة على تلك الخطوة.

الجيش العربي السوري اكد في بيان رسمي اليوم الثلاثاء بأنه سيرد على أي هجوم تشنه القوات التركية على قواته، بهدف عرقلة تقدمه في ريف ادلب، ولا نستبعد ان يكون الرد الاولي بقصف نقاط المراقبة التركية المحاصرة، وبضوء اخضر من الحليف الروسي.

اعلان مندوبة الولايات المتحدة في حلف الناتو الوقوف في خندق “الحليف التركي” في مواجهة التحالف السوري الروسي، ليس اصطيادا في ماء الازمة العكر فقط، وانما أيضا لان هذا الدعم الأمريكي غير جدي أولا، وسيشكل “استفزازا” للرئيس بوتين شخصيا، وتوريطا لتركيا في حرب تؤدي الى استنزافها ماليا وعسكريا، وقد تؤدي الى انقلاب عسكري، او حتى ثورة شعبية.

لا نعتقد ان الرئيس بوتين لا يملك خططا بديلة للرد على أي دعم امريكي، او توغل للقوات التركية في ادلب، ورفضه أي لقاء مع اردوغان يؤكد عزمه على المضي قدما في خططه المتفق عليها مع  القيادة السورية لاستعادة ادلب بالكامل، والانتقال بعدها الى شرق الفرات.

معلوماتنا التي حصلنا عليها من مصادر وثيقة تؤكد ان الرئيس بوتين في قمة غضبه بسبب رفض الرئيس اردوغان “اقتراحه” لقاء الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء قمة في سوتشي برعاية روسية لإحياء اتفاق اضنة عام 1998، وهي القمة التي جاء اللقاء العلني بين اللواء علي المملوك، مسؤول المجلس الأمني السوري الأعلى، ونظيره التركي حقان فيدان، تمهيدا لها، وللتفاهم على جدول اعمالها.

 

 

***

الرئيس اردوغان أضاع فرصة ذهبية أخرى برفضه مبادرة الوساطة التي عرضتها ايران على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف لإيجاد حل سياسي للازمة السورية التركية عبر المفاوضات بين الجانبين السوري او التركي، وهي المبادرة التي قد تكون الأخيرة قبل اندلاع الحرب المباشرة بين طرفي الصراع في ادلب.

عدد النازحين السوريين الذين يتدفقون على الحدود التركية المغلقة من ادلب وريفها للنجاة بأرواحهم من الحرب الوشيكة، يقتربون من المليون نازح، حسب آخر إحصاءات المراقبين، واقتحام هؤلاء وغيرهم للحدود بات مؤكدا ولن يمنعهم احد.

في عام 2008 وفي ذروة الحصار التجويعي على قطاع غزة من الجانبين المصري والإسرائيلي، اقتحم حوالي 800 الف فلسطيني الحدود المصرية ولم تروعهم تهديدات الجنود المصريين بإطلاق النار، ومن المفارقة انه عندما سأل القادة الميدانيين المصريين وزير دفاعهم المشير طنطاوي في حينها وكانوا يتوقعون هذا الاقتحام، ماذا ستفعل يا سيادة المشير قال لهم بالحرف الواحد.. افتحوا لهم الطريق، ومهدوها بالجرافات، واياكم ان تطلقوا رصاصة واحدة.

اقتحام هؤلاء النازحين السوريين للحدود التركية بات حتميا، وهذا اكثر ما يخشاه محقا الرئيس اردوغان، ولكن السؤال هو: هل سيتصرف قائد جيشه التصرف نفسه للمشير طنطاوي؟ ويأمر قواته بعدم اطلاق الرصاص؟

الفارق الوحيد بين الحدود المصرية والحدود التركية قبالة ادلب، ان مقتحمي الحدود المصرية من أبناء قطاع غزة لم يكونوا مسلحين ولا يريدون الإقامة في الجانب المصري، بينما نظراؤهم السوريون يندس بين صفوفهم الآلاف من المسلحين المتشددين والمقاتلين من فصائل مصنفة على قوائم الإرهاب، وهنا تكمن الخطورة.

لا نستبعد ان يتكرر سيناريو اقتحام الحدود “الغزاوي” في ادلب، وان يعيد تاريخ بدايات الازمة السورية نفسه، ولكن في الاتجاه الآخر، حيث يصح القول منن البعض للرئيس اردوغان “بضاعتكم ردت اليكم”.. والله اعلم.


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account