عاجل

الدولار الأمريكي أعلى 106 مقابل اليورو والاسترليني، لماذا؟    الغرفة التجارية الألمانية الإيرانية تعارض فرض عقوبات جديدة على طهران    كاميرون: إسرائيل قررت الرد على الهجوم الإيراني    

لماذا نحن العرب متخلفون حضارياً؟؟!! .. بقلم: د. محمد العبد

2023-05-03

لماذا نحن العرب متخلفون حضارياً؟؟!! .. بقلم: د. محمد العبد

خلال دراسة الدكتوراه وطبيعة عملي زرت الكثير من دول العالم في شرقه وغربه، وفي كل زيارة كنت أسأل نفسي: لماذا نحن متخلفون عن الركب الحضاري؟؟!!... وما الذي ينقصنا حتى تصبح بلادنا كالبلاد المتقدمة؟؟!!.. مع أن بلادنا غنية بالموارد الطبيعية والموارد البشرية المبّدعة التي تُبدع عندما تتهيأ لها الظروف سيما إذا هاجرت إلى الخارج. وبعد طول تفكير في واقع حياتنا المتردي، أيقنت أن سبب فقرنا وتخلفنا يعود إلى ستة أسباب داخلية من صنع أنفسنا وليست وليدة عوامل خارجية استعمارية (الشمّاعة التي نُعلّق عليها كل مشاكلنا)، وأنّ هذه الأسباب الستة التي تزيد في فقرنا وتخلفنا هي: 1. عدم احترام القوانين والأنظمة: في بلادنا القانون لا يسري على الجميع، وكثير من الناس فوق القانون، كما أن الكثير من المسؤولين الذين يضعون القوانين والأنظمة بما يتناسب مع مصالحهم وامتيازاتهم، هم أول من يدوس القانون ولا يطبقّوه، ثم يطلبون من الناس تطبيقه، فتكون ردة فعل الناس عكسية ساخطة. 2. سوء الإدارة والتخطيط: نحن لا نعرف الإدارة السليمة لاستثمار مواردنا الطبيعية والبشرية، ولا نعرف شيء عن فن إدارة الازمات، إذ أكثر إجراءاتنا تكون بعد وقوع الأزمة وليس قبلها بالتحضير للكارثة لتقليل خسائرها. وكثيراً ما ندير أمورنا بطريقة (ربنا تيجي في عينه)... إضافة لسوء الإدارة فإننا لا نخطط للمستقبل أبداً، أسوة بأكثر دول العالم التي لديها معاهد تخطيط مهمتها التخطيط للمستقبل بكل المجالات، ونحن لازلنا نعيش على مبدأ (لبكرا ... بفرجها الله)!!. 3. عدم وجود معايير تعيين في المناصب: في أغلب الأحيان يكون التعيين بمزاجية وبالواسطة، ولا يوجد معايير محددة لاختيار الشخص القيادي المناسب، وإن وجدت هذه المعايير فإنه لا يُعمل بها. ومقولة (الرجل المناسب في المكان المناسب) لا تعيش سوى في الأفواه وعلى الورق. وغالباً يتم تعيين هذا المسؤول الذي يمضي السنوات ينتقل من منصب لآخر، ويقود عمله بطريقة(One Man Show)، معتمداً في إدارته على دمى يتبعون له لا همّ لهم سوى حصد الامتيازات والبقاء في المنصب أطول فترة ممكنة. 4. غياب نظام التقييم: لا يوجد في بلادنا شيء اسمه (تقييم دوري) للمسؤول، وإن وجد فإن هذا التقييم شكلي وصوري لا فائدة منه... كذلك لا يوجد تقييم للقرارات التي يتخذونها، وكأن هذه القرارات (آيات ربانية) لا يجوز تقييمها وتعديلها حتى نستمر بهذه القرارات أو نلغيها!!.. 5. غياب الرقابة والمحاسبة: وربما يكون هذا العامل هو المسبب الرئيسي لما نحن فيه الان من ضياع وتخلف، لأنّ عدم وجود نظام محاسبة يؤدي إلى تمادي المسؤول في اختراق القوانين ويحفّز غيره على ذلك، مما يسبب خسائر هائلة بشتى المجالات لاسيما الاقتصادية منها، وحرمان الدولة والمجتمع من عائدات اقتصادية وخدمية جمّة. وأثناء دراستي في الصين لحوالي عقد من الزمن، رأيت بأم عيني أنه عندما فاق المارد الصيني طبقّت الصين مبدأ محاسبة مؤلف من أربع كلمات: (المحاسبة الفورية والعلنية للفاسد)، فالفاسد هناك مهما علا شأنه، كانت تجري محاسبته ومحاكمته أمام كل وسائل الاعلام بشكل فوري بمعنى أن محاكمته لا تأخذ سوى بضعة أيام وأسابيع فقط... وبذلك أصبحت الصين اليوم القوة الاقتصادية الأولى في العالم. 6. عدم احترام العلم وسطوة القرار الأمني على القرار العلمي في كثير من الأحيان: لا قيمة للعلم في بلادنا، والشهادة الجامعية مهما علت لا مزايا تذكر لها. والكثير من حملة الشهادات الجامعية يعملون بأكثر من وظيفة للبقاء على قيد الحياة... كذلك غالباً ما يُؤخذ بالرأي الأمني على حساب الرأي العلمي والأكاديمي، فمثلا رأي المحافظ أهم من رأي مدير الصحة!!، ورأي مدير جهاز أمني أهم من رأي مدير الزراعة.. حتى أن برامجنا التلفزيونية في حالة طلاق بائن مع العلم وأهله!!.. وهذه الأمثلة هي غيض من فيض في هذا المجال... أليست هذه الأسباب الستة هي واقع حال بلادنا العربية؟!!.. فإن كنا نريد الخير والتقدم لبلادنا، علينا أن نضع القوانين لنحترمها، وأن نضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ونقيّم أداؤه وقراراته دورياً، ونحاسب الفاسد حتى لا تضيع مواردنا الطبيعية والاقتصادية والبشرية، ونقدّر العلم وأهله، وبذلك حتماً سنلحق بالركب الحضاري.


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account