حكايات ألف ليلة وليلة أمريكية للشهرزاد الأسمر ..بقلم نارام سرجون


حكايات ألف ليلة وليلة أمريكية للشهرزاد الأسمر ..بقلم نارام سرجون

أصعب أنواع الاعتراف هو الاعتراف للذات .. ولذلك تجد المذنبين او الذين يريدون ان يبردوا ضمائرهم يبحثون عن مبررات يستعملونا كأغطية وستائر على مافي ضمائرهم .. وقليلون جدا هم من يجيدون الاعتراف أمام النفس ويتحول الشخص الى قاض لنفسه يحاسبها ويسألها ويدينها ويحكم عليها..
وفن كتابة المذكرات لايبدو انه يدخل في السياسة الا بخطوات حذرة ويبقى الاعتراف في المذكرات السياسية أشبه بعملية تطهير بالرقى والمعوذات .. وهو آلية دفاع وتبرير أكثر منها اعترافا .. فكيف للسياسي ان يعترف بكل شيء وخاصة اذا كان رئيسا لدولة غربية.. وخاصة اذا كان رئيسا لأميريكا؟؟ هل يمكن لأحد منا أن يتخيل ان يعترف جورج بوش انه غزا العراق من أجل اسرائيل واطلاق مشروع تقسيم طائفي؟؟ هل سيقول بوش هذا ام أنه سيتابع الحديث عن تحرير الشعب العراقي وأسلحة الدمار الشامل؟ وكذلك اوباما هل يظن عاقل انه سيعترف انه صاحب مشروع الربيع العربي وعرابه والمؤذّن فيه عندما رفع آذانه في استانبول والقاهرة وأعلن عن مشروع استثمار كان صفقة مبطنة مع الحركات الاسلامية؟ وهل سيعترف اوباما انه كان يدري ان السلاح الكيماوي كان ذريعة وأن كل حكاية كيماوي سورية لاتختلف عن ذريعة كيماوي العراق؟؟ ألا يعرف اوباما ان كذبة السلاح الكيماوي في الغوطة لايمكن ان يعترف بها في اي مذكرات والا سقطت كل مشروعية الحرب على سورية وتبين ان اميريكا لاتملك القيم الاخلاقية ولا المنطق لتقود سياسة العالم وأنها خدعت العالم ثانية بنفس الكذبة .. أسلحة الدمار الشامل..

لم يتغير أوباما ولم يتغير دوره في انه حية التبن السوداء التي تخدع الناس وتنام بينهم دون ان يحسوا بها .. وكتابه أو مذكراته الاخيرة (الارض الموعودة) لايضيف شيئا على الاطلاق الا ان السياسي الامريكي يكذب حتى وهو يعترف أمام نفسه على الورق .. ويكتب مذكراته .. وأن مذكراته لاتخلو من طبيعة منافقة ومضللة ..وأن كتابة المذكرات لاتخلو من متابعة لمسيرة وبرنامج سياسي وترويج دعائي لأميريكا الطاهرة التي يعترف رئيسها كما يعترف مذنب أمام الكاهن في الكنيسة .. ولكن الكاهن في المذكرات هو كل قارئ يقرأ هذه المذكرات..
وقد لجأ الكاتب الى حيلة قديمة وهي تطعيم المذكرات ببعض الحقائق التي تعطي مصداقية وطعما حلوا على مرارة المحتوى .. فهو يتجاسر على ايباك واللوبي اليهودي .. ولكن أين الجديد في ذلك؟؟ كل من في العالم يعرف ذلك .. ولكن المهم ان يقولها وهو رئيس .. فذكرها في المذكرات يخدم المذكرات في انه يضفي عليها طابع الشجاعة والاثارة والتشويق للبيع ولجعل باقي الاكاذيب بنفس مستوى حقيقة ايباك .. ولكنها لن تضعف ايباك ولن تخشاها ايباك..
كل من يقرأ المذكرات يخيل انه يقرأ مذكرات السيد المسيح من كثرة مافيها اعترافات للتخلص من الذنب ويعجبه الكم الكبير من الأخلاق التي تترصع بها المذكرات وحالة اللارضى عن المستوى الاخلاقي المتدني للساسة الآخرين وبراءة الرئيس الامريكي من دم الأبرياء الذين قتلتهم سياسته .. فالرئيس الامريكي يبدو في المذكرات ضحية بريئة لمستشاريه الذين يقنعونه او لايقنعونه بالقرارات الخطرة .. ويبدو ان جرائمه يتم تحميلها لغيره .. ولكن المذكرات تخفي الحقائق الكبرى من ان الرئيس الامريكي ليس صانع قرار بل هو غطاء للقرارات .. وهي لاتعدو كونها سلسلة من الحملات الدعائية لتبييض وجه اميريكا والترويج لأخلاقياتها واعادة ترقيع الرواية الامريكية الرسمية في الاعلام باعترافات هي نفسها مثقوبة وتحتاج رقعا .. ويخيل للقارئ ان وظيفتها هي تدارك الخلل في الرواية الدارجة التي صار الناس يعرفون انها ضعيفة ولابمكن قبول بعض تفاصيلها الخيالية .. فيتم ترقيع الثغرات الواسعة بمذكرات الرئيس .. فهل سيكتب الرئيس في مذكراته الا الحقيقة؟؟ والنتيجة ان المهمة الامريكية مستمرة في التضليل وترويج الرواية الرسمية التي طالما سمعها الناس ولكن بطريقة اكثر فنا في الاحتيال..
ففي روايته لأحداث الربيع العربي يريد الرئيس أوباما ان يقنعنا ويتابع كذبة الربيع العربي من أنه ليس لأميريكا يد في ترتيب الاحداث ولاصياغتها بل انها فاجأته وانها كانت عفوية التدحرج .. وهو بذلك يعزز ويكرر ببغائية خبيثة الرواية الاعلامية للسي ان ان ومحطة الجزيرة .. وهو يعني ان كل ماتلقاه المشاهد من معلومات مثيرة للاستغراب من هذه الشبكات الاعلامية المشكوك في مصداقية روايتها والتي انهارت بعد الحرب السورية صار الآن حقيقة دامغة لأن الرئيس الأمريكي أعاد بناءها المتهدم .. ويقول لافض فوه ولافضت مذكراته بأن الروس الملاعين والايرانيين هم الذين عرقلوا رغبته في تحرير الشعب السوري .. ولكنه مع هذا تمكن من تحرير الشعب الليبي .. وكان حاسما عندما علم ان القذافي كان يرتكب المجازر وسيرتكب المجازر في بنغازي .. وينسى القارئ ان اوباما هو الذي قتل عشرات بالآلاف في قصف ليبيا وارتكب اكبر كجازر عرفتها ليبيا منذ الاحتلال الايطالي..


والغريب ان الحمل الوديع الأسمر يقول انه اعطى قرار اسقاط القذافي من تلفون مساعده الذي كان يستعمل احيانا لطلب البيتزا لأن جهازالاتصال السري بقيادة الأركان تعطل .. والحقيقة ان هذه الحادثة يريد اوباما من خلالها ان يقول ان اسقاط زعماء العالم وتغيير مصائر الشعوب يمكن ان يتم وكأنها وجبة بيتزا امعانا في احتقار الشعوب لأنه المنطق لايقنعنا ان رئيس الولايات المتحدة الامريكية يعطي اوامر الحرب بتلفون البيتزا وان قادته يبدؤون باطلاق النار في العالم بعد تلفون لطلب البيتزا من اي شخص يدعي انه الرئيس .. ولاندري في مذكرات الرئيس القادمة ان كان اتصل بمطعم البيتزا خطأ وأعطاه الاذن بتنفيذ المهمة .. وبدل ان تكون المهمة غزو دولة تتحول إلى تحضير طبق بيتزا .. وهل يمكن أن تعطي أوامر حرب نووية اذا كانت الاوامر باطلاق رشقات من صواريخ نووية عبر هاتف البيتزا ممكنة؟؟

اما في البحرين فحسب الرواية الاوبامية فان السعوديين هم الذين منعوا الثورة الشعبية المحقة ضد الديكتاتورية من انجاز التغيير والحرية وليس الضوء الاخضر من الاسطول السادس الامريكي للقوات السعودية بالدخول واسكات الاحتجاجات .. وكأن الامريكيين كانوا سعيدين بالثورة البحرينية التي كانت ستطرد الاسطول السادس الامريكي كما طرد الخميني الامريكيين من ايران .. وهنا يدرك الانسان ان اوباما يكذب حتى في مذكراته .. لأن السعودية لاتستطيع الدخول الى البحرين حيث قاعدة الاسطول السادس الامريكي دون اذن امريكي بل وبتكليف أميريكي .. كما أنها لم يسمح لها بدخول قطر لأن الامريكيين لم يقرروا ذلك .. فهل كانت مثلا ايران قادرة على ان ترسل قواتها الى البحرين مثلا اذا طلبت المعارضة تدخلا ايرانيا ضد القوات السعودية؟ وهل كانت اميريكا ستسمح بذلك من اجل حرية الشعب البحريني او ستقف موقف الحياد؟؟ في مذكراته يبدو اوباما حملا وديعا اسود حدث كل ذلك دون تدخله او مباركته..


تصلح المذكرات لأن تكون السردية الكاملة للأكاذيب .. واذا أردت ان تعرف المذكرات الحقيقية فما عليك الا ان تقرأ المذكرات بالمقلوب .. فكل مايذكره أوباما اسبقه بعبارة ( لم يحدث أن ..) وهي تشبه النيغاتيف في الأفلام حيث يبدو اللون الأبيض اسود واللون الأسود أبيض..
نصيحتي الخالصة لكم اذا اردتم ان تقرؤوا هذه المذكرات فالرجاء اضافتها الى سلسلة ألف ليلة وليلة العربية .. ولتكن ألف ليلة وليلة سوداء أمريكية..
واذا اردتم قراءة المذكرات الحقيقية .. والقاء نظرة على قلب الحقيقة .. فانتظروا مذكرات رجال المخابرات الامريكيين والاسرائيليين بعد عقود أو انتظروا الافراج عن وثائق وزارات الخارجية والدفاع والمخابرات التي ترفع عنها السرية بعد 30 سنة .. وعندها ستعرفون كم كذب أوباما .. وكم كنت دقيقا في قراءتي لألف ليلة وليلة الامريكية لراويها الشهرزاد أوباما .. حيث تسكت شهرزاد اميريكا عن الكلام المباح .. ولكنها تجعل من يسمعها ينام ويشخر على هدهدة الحكايات .. حطايات الجن والعفاريت والدي

Copyrights © assad-alard.com

المصدر:   http://www.assad-alard.com/detailes.php?id=779