تعثر الهجوم الأميركي المضاد في لبنان وعودة المأزق إلى ملعب واشنطن وأتباعها… بقلم: حسن حردان


 

تعثر الهجوم الأميركي المضاد في لبنان وعودة المأزق إلى ملعب واشنطن وأتباعهابقلم:  حسن حردان

 المراقب للتطورات الأخيرة في أعقاب قرار قائد المقاومة أخذ زمام المبادرة بكسر الحصار الأميركي، باستيراد المشتقات النفطية من إيران، واضطرار واشنطن إلى الموافقة على رفع الفيتو عن تشكيل الحكومة، وتخفيف الحصار على سورية لتسهيل مرور الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية إلى لبنان.. المراقب لهذه التطورات يدرك انّ الإدارة الأميركية، والقوى التابعة لها، تلقت صفعة قوية، أدّت إلى ارتباك مخططها الهادف إلى مفاقمة الأزمات في لبنان لتوجيه الاتهام بالمسؤولية عنها إلى حزب الله المقاوم، في سياق خطة لعزله وإضعاف شعبيته، وتمكين الجماعات والقوى الموالية للسياسة الأميركية من الاستثمار في هذا المناخ في الانتخابات المقبلة لقلب الأغلبية النيابية لمصلحتها.. لهذا عمدت واشنطن إلى تنظيم هجوم مضاد لإجهاض نتائج قرار المقاومة بكسر الحصار، واستعادة زمام المبادرة.. وقد اعتمدت واشنطن في هذا الهجوم المضاد للخروج من مأزقها، الخطوات التالية: الخطوة الأولى، الالتفاف على النتائج الإيجابية التي حققها دخول المازوت الإيراني إلى لبنان، من خلال العمل من قبل حاكم مصرف لبنان والشركات إلى العودة لمفاقمة أزمة طوابير البنزين وصولاً إلى رفع كامل الدعم عنه الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع كبير في سعر صفيحة البنزين، وبالتالي التهاب أسعار جميع المواد والسلع.. فيما امتنع مصرف لبنان عن توفير الدولارات للمستوردين الأمر الذي أدّى إلى زيادة الطلب على شراء الدولار في السوق السوداء وارتفاعه من جديد ليصل إلى عتبة 21 ألف ليرة، وهذا بدوره أسهم أيضاً في ارتفاع جديد في الأسعار ومفاقمة الأزمة المعيشية للمواطنين. الخطوة الثانية، العمل على حياكة الفتنة الطائفية واستدراج حزب الله للوقوع في شركها، وبالتالي شن حملة اعلامية وسياسية لتشويه صورته، والإساءة إلى سلاح المقاومة، واستطراداً إضعاف حلفاء المقاومة في الشارع المسيحي، وخصوصاً التيار الوطني الحر… وفي هذا السياق جرى نصب كمين الطيونة من قبل حزب القوات اللبنانية وارتكاب مجزرة دموية بحق المتظاهرين السلميين أثناء توجههم إلى قصر العدل للمطالبة بتصويب مسار التحقيق العدلي في تفجير مرفأ بيروت.. الخطوة الثالثة، استغلال نتائج الخطوات السالفة الذكر، للضغط على الموقف الرسمي اللبناني، في موضوع المفاوضات غير المباشرة مع كيان العدو «الإسرائيلي» لتحديد الحدود البحرية، والعمل أميركياً على وضع لبنان بين خيارين، أما تقديم التنازلات بالموافقة على خط السفير الأميركي السابق فريدريك هوف، والذي يقضم جزءاً من حقوق لبنان لمصلحة كيان العدو، أو التسليم بقيام «إسرائيل» بعملية التنقيب واستخراج الغاز في المنطقة المتنازع عليهاغير انّ هذا الهجوم الأميركي سرعان ما أخفق ومني بالفشل وانقلب السحر على الساحر، عندما تعثر في أهمّ حلقاته، وعاد المأزق إلى الملعب الأميركي والقوى التابعة لهالحلقة الأولى، إخفاق كمين الفتنة في تحقيق هدفه في محاولة استدراج حزب الله وحركة أمل للوقوع في فخه، مما أدّى إلى انكشاف وتعرية أدوات الفتنة، لا سيما بعدما أدّت التحقيقات مع عناصر القوات الذين تمّ إيقافهم لدى مخابرات الجيش إلى دفع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي إلى استدعاء رئيس حزب القوات سمير جعجع للاستماع إلى إفادته بشأن ما حصل في الطيونة، غير انّ جعجع سارع إلى رفض الاستجابة للطلب، والقول إنه لن يسمح بتكرار كنيسة سيدة النجاة مرة ثانية، عندما اعتقل في أعقاب تفجير الكنيسة وحكم عليه بالإعدام في قضايا اغتيال قادة وشخصيات لبنانية، وجرى تخفيف الحكم إلى مؤبد بعد عفو عن حكم إعدامه من قبل رئيس الجمهورية الياس الهراوي، ومن ثم العفو السياسي عنه اثر انقلاب 2005… ويؤدي امتناع جعجع عن الحضور إلى المحكمة العسكرية للإدلاء بإفادته إلى وضعه في خانة الاتهام وعدم التعاون مع القضاء، وبالتالي سقوط ادّعاءاته بالبراءة من مجزرة الطيونة من ناحية، وعدم صدقيته في دفاعه عن المحقق العدلي طارق البيطار في الادّعاء على وزراء ونواب بتهمة الإهمال الوظيفي في قضية التحقيق بانفجار المرفأ من ناحية ثانية.. وهكذا أصبح جعجع في وضعية الدفاع عن نفسه، وفي حالة الضعف هو وحلفاؤه في قضية التحقيق في مجزرة الطيونة، وتسييس التحقيق في تفجير المرفأ.. الحلقة الثانية، فشل محاولة واشنطن في خطة تخيير لبنان بين التنازل عن جزء من حقوقه في مياهه الإقليمية للعدو «الإسرائيلي»، وبين التسليم ببدء «إسرائيل» العمل في المنطقة المتنازع عليها، وهذا الفشل، كان نتيجة: 1 ـ تنبّه قيادة المقاومة للفخ الذي نصب في الطيونة، وعدم الانجرار إلى مربع الفتنة وضبط النفس. 2 ـ قيام قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله، بإعادة استحضار معادلة الردع في مواجهة اي محاولة من قبل العدو «الإسرائيلي» للنقيب واستخراج الغاز في المنطقة المتنازع عليها، وهو طبعاً ما سيدفع أيّ شركة اجنبية إلى الامتناع عن القيام بذلك.. ويجعل حكومة العدو تحسب ألف حساب لتهديدات السيد الذي تعرف جيداً، أنه إذا قال فعل.. خلاصة الأمر، فإنّ الهجوم الأميركي المضاد، ما خلا نجاحه في زيادة حدة الأزمة المعيشية، تعثر في حلقاته الأساسية، ليعود المأزق إلى ملعب واشنطن وأتباعها في لبنان من جديد

 

Copyrights © assad-alard.com

المصدر:   http://www.assad-alard.com/detailes.php?id=855