عاجل

ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    ارتفاع الذهب عالمياً اليوم الخميس خلال الدورة الآسيوية    كييف تطلق صواريخ بريطانية على روسيا    

هل جاء الهُجوم الصّاروخيّ لكتائب القسّام “المُدَمِّر” لقاعدة كرم أبو سالم احتفالًا بدُخول الصّمود شهره الثّامن وفشل العُدوان الصّهيوني؟ وما هي الأسباب الحقيقيّة لانهِيار المُفاوضات في القاهرة؟ ولماذا لا يُعيب السنوار أن يكون مسؤولًا عنه؟ وماذا عن اقتِحام رفح الوشيك؟.. بقلم: عبد الباري عطوان

2024-05-06

هل جاء الهُجوم الصّاروخيّ لكتائب القسّام “المُدَمِّر” لقاعدة كرم أبو سالم احتفالًا بدُخول الصّمود شهره الثّامن وفشل العُدوان الصّهيوني؟ وما هي الأسباب الحقيقيّة لانهِيار المُفاوضات في القاهرة؟ ولماذا لا يُعيب السنوار أن يكون مسؤولًا عنه؟ وماذا عن اقتِحام رفح الوشيك؟.. بقلم: عبد الباري عطوان

تُكمِل غدًا (الثلاثاء) حرب الإبادة الجماعيّة والتّطهير العِرقي التي يشنّها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة شهرها السّابع، وما زالت المُقاومة صامدة قويّة ومُسيْطِرة، وأنفاقها ومصانع صواريخها سليمة لم تُمَسْ، وما زالت حركة “حماس” الحاكِم الفِعليّ للقطاع، وكتائب “القسّام” جناحها العسكري، وحُلفاؤها في الفصائل الأُخرى مِثل سرايا القدس، وكتائب المُجاهدين، تنتقل من انتصارٍ إلى آخَر، وتُكبّد قوّات الاحتِلال خسائر بشريّة وعسكريّة ضخمة، وفوق هذا وذاك الاستِمرار في إدارة مُفاوضات الهدنة بدهاءٍ شديد، ورفض التّراجع عن “ميلّيمتر” واحد من مطالبها، أمّا الأسرى من الإسرائيليين الذين شنّ نتنياهو هذه الحرب لإطلاق سراحهم بالقُوّة فما زالوا في أيْدٍ أمينة، ولن يتم الإفراج عنهم إلّا بتبييضِ سُجون الاحتِلال من المُعتقلين الشُّرفاء.

لا نعرف ما إذا كان إقدام كتائب القسّام يوم أمس على قصف قاعدة كرم أبو سالم العسكريّة المُحاذية لمُحافظة رفح، واعتراف الاحتِلال بمقتل أربعة من جُنوده وإصابة 15 آخرين، جاءَ احتِفالًا بهذا الصّمود، وما تفرّع عنه من انتصاراتٍ عسكريّة، أمْ أنّه رسالةُ تَحَدٍّ تحذيريّة لنتنياهو بِما يُمكن أن يُواجه من خسائرٍ في حال تنفيذ تهديداته باقتحام مدينة رفح، ولكن ما نعرفه أن المُقاومة مُستعدّةٌ للمُواجهة بشَكلٍ أقوى من أيّ وقتٍ مضى، وأن هزيمة الجيش الإسرائيلي في خان يونس المُجاورة بعد أربعة أشهر من مُحاولة السّيطرة عليها، ستكون هزيمة مُتواضعة جدًّا بالمُقارنة بِما ينتظره هذا العدو في رفح مدينة الأبطال، حسب ما قاله لنا أحد المسؤولين في قيادة “حماس”.

الفارق الأخلاقي بين كتائب المُقاومة والجيش الإسرائيلي ضخمٌ للغاية، فبينما يتغوّل هذا الجيش في سفكِ دماء المدنيين العُزّل ويقتل الأطفال، ويقصف المُستشفيات ويُدمّر البُيوت، تُركّز كتائب المُقاومة على اقتِناصِ العسكريين الإسرائيليين، وتدمير دبّاباتهم وناقلات جُنودهم، في جميع هجماتها وآخِرُها معركة كرم أبو سالم كأحدث الأمثلة في هذا الصّدد.

نتنياهو مُجرمُ الحرب المُطارد بالاعتقال بقرارٍ من محكمة الجنايات الدوليّة استخدم المُفاوضات لخديعة قيادة حماس، واستعادة الأسرى، دُونَ أن يلتزم بوقف الحرب، وانسحاب القوّات الإسرائيليّة من القطاع، مُعتَقِدًا أنّ هذه القيادة “غبيّة” من السّهل خديعتها مِثل مُوقّعي اتّفاقات أوسلو الذين تنازلوا عن 80 بالمِئة من أرضِ فِلسطين التاريخيّة، والقوا السلاح، وتحولوا الى حماة للمستوطنين، وفرعا من فروع المخابرات الإسرائيلية، ولكن بعد ستة أشهر من جولات المفاوضات في القاهرة والدوحة مع دولة الاحتلال برعاية أمريكية منحازة، ومشاركة وسطاء عرب يأتمرون بأمرها، وتهديدات بإجتياح رفح كورقة ضغط وترهيب، ما زالت درجة الوعي عالية جدا لدى قيادة حركة “حماس” في القطاع بالمخططات الامريكية والاجرام الإسرائيلي، وعدم الثقة بالضمانات المعروضة.

لا يعيب المجاهد يحيى السنوار الذي يدير ومساعدوه المعركتين، العسكرية على الارض، والمفاوضات للهدنة وتبادل الاسرى في القاهرة والدوحة، ان يتهم بإفشال المفاوضات لتمسكه بشروط المقاومة كاملة، ورفضه للتعديلات “الشكلية” التي تجري للتوصل الى مشروع الاتفاق، فعندما يأتي هذا الاتهام من أمريكا، رأس الأفعى او عملائها، فإنه يعتبر وساما له، وتعزيزا لقيادته ليس لحركة حماس، وانما أيضا للشعب الفلسطيني بأسره ولكل الشرفاء المؤمنين في العالمين العربي والإسلامي.

هذا الاتفاق الذي صاغته مخابرات أمريكا وإسرائيل في فرنسا بحضور مخابرات الوسيطين العربيين “مصيدة” لتسهيل المشروع الإسرائيلي بالقضاء على حركة “حماس” وفصائل المقاومة، وإجهاض الإنجاز الكبير جدا، وغير المسبوق الذي تمثل في “طوفان الأقصى” ولهذا جاءت شروط قيادة كتائب القسام بالانسحاب من جميع ارض القطاع ووقف كامل للحرب، وعودة النازحين، وإعادة الاعمار شروطا مشروعة وتشكل الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية.

أمريكا لا تريد انقاذ نتنياهو وكيانه ومستوطنيه بتقديم سلم المفاوضات لإنزالهم عن شجرة الازمة التي يعيشونها حاليا فقط، وانما لإنقاذ نفسها أيضا من حرب أهلية جدّية تتمثل في الثورة الطلابية الجامعية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، والمطالبة بإنهاء السيطرة الصهيونية على الدولة الامريكية لعميقة، وتدمير ونسف قيم العدالة والديمقراطية وحرية التعبير والتفكير التي تجسد العمود الفقري لما يسمى بقيم العالم الديمقراطي الغربي، وحجر الأساس في حضارته وازدهارها، علاوة على انهاء النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط وربما في معظم انحاء العالم.

اقتحام رفح، الفصل الأخير، وربما الأخطر، من حرب الإبادة والتطهير العرقي الإسرائيلية، اذا ما انتقل المشروع من مرحلة التهديد الى مرحلة التطبيق، لانه سيؤدي ليس الى بداية النهاية المتسارعة لنتنياهو وحكومته، وانما للمشروع الاستيطاني الصهيوني العنصري برمته، واجتثاثه من جذوره، فمن إنهزم في خان يونس وجباليا واحياء الشجاعية والزيتون وجحر الديك في غزة، وقبلها في جنين ونابلس وطولكرم، لن ينتصر في رفح.. والأيام بيننا.


التعليقات

إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها

لا يوجد تعليقات حالياً

شاركنا رأيك

Create Account



Log In Your Account