عاجل
اللعب بالنار.. من يلعب النار؟ .. الأسد أم أردوغان؟؟ | بقلم: نارام سرجون
هل هناك من وسام أعلى من وسام أرفع من سيف العدو الذي يرفع في وجهك ؟
لا يوجد وسام أو شهادة تقرّ بأنك بطل إلا سيف عدوك عندما يرتفع في وجهك وكل الأوسمة تنحني أمام سيف عدوك وهو يبارزك... فلا وسام يرفعك مثل أن يقرّ عدوك أنك تستحق أن تطعن بسيفه وتستحق أن يبارزك...
بالأمس أعطى نتنياهو وسام الشجاعة لعدوه الأكبر الرئيس الأسد عندما خصه بالتهديد الشديد وحذره بلغة الوعيد بألا يلعب بالنار.. ونحن أعلم بنتنياهو من نتن ياهو نفسه وأعلم به من سارة زوجته...
من بين كل الأمة العربية والإسلامية الطويلة والعريضة لم يقرر نتنياهو أن يهدد إلا شخصًا واحدًا لأن نتنياهو هو أعرف اليهود بأشرس أعداء إسرائيل... ترك نتنياهو 55 دولة إسلامية واختار الأسد... لأنه يعلم أن سورية تساوي 55 دولة إسلامية وأنها العدو المر لإسرائيل وأن كل بلوى إسرائيل هي من هذه الـ " سورية " التي تقف كالعظمة في حلقه فلا يقدر أن يبلع بسببها شعوب عربية بأكملها... بعد أن بلع مصر وتركيا والخليج والمغرب والسودان شعوباً وحكومات... وإذا لم يبتلع سورية فسيتقيأ كل ما ابتلعه في الشرق مهما طال الزمن...
ترك نتنياهو كل ثرثرات الخليفة العثماني أردوغان التي لم يعرها أي اهتمام ومسح بها مؤخرته.. وألقاها في إستانبول في مسجد آيا صوفيا.. فهو يعلم أن أردوغان حليفه السري وكلب الناتو الخادم الأمين.. وعندما مر بمصر ركلها بقدمه وسار غاضبًا ليلقي خطابه.. وأثناء وصوله إلى قرب الميكروفون ذكره البعض بملك البندورة الأردني فضغط عليه وهرسه.. لم يكن أمام عيني نتنياهو سوى عدو واحد.. الأسد... ( أيها الأسد أنت تلعب بالنار !!! )... قالها والنار تقدح من عينيه...
عجيب... ألا يستحق هذا التهديد والوعيد أن يستنتج العربي أن الأسد هو الزعيم العربي الذي تسبب بكل بلاء إسرائيل ..؟؟ فلولا الأسد لما تورطت إسرائيل في أشرس وأخطر حروبها على الإطلاق في غزة ولبنان..
فلو سقط الأسدوسورية لسقط حزب الله لأن إيران لا تقدر على الوصول إلى حزب الله من غير سورية.. ولو سقط الأسد لسقطت أهمية إيرانفي العالم.. فإيران لا تخيف العالم بمفاعلاتها النووية.. فها هي باكستان نووية ولكن باكستان بعيدة عن إسرائيل.. فعصب العالم الغربي هو إسرائيل التي هي ابنة أوروبة وأندلسها وقاعدتها الأغلى.. وقرة عينها.. ولولا الأسد لما وقفت إيران على فم إسرائيل من الجولان إلى جنوب لبنان.. لأن إيران طبعًا لن يعطيها ملك البندورة موقعًا على الحدود في الأغوار لكي تقترب من إسرائيل من المسافة صفر.. ولا يمكن لملوك مصر المسلمين منهم والعسكر أن يقدموا سيناءلإيران لتقف على شبابيك نتنياهو من معبر رفع.. فمصر كلها صارت بلا شبابيك ولا أبواب.. ولا مياه.. وهي في السياسة الدولية دورة مياه لأميريكا منذ كامب ديفيد.. ولو سقط الأسد وسقط حزب الله فكيف كان للسنوار هذه الجرأة على إسرائيل وكيف كان سيقاتل كل هذا القتال الشرس.. فالتدريب والتسليح لا يمكن أن تغيب عنه قوى في الجوار.. ومن غير سورية وإيران ..؟؟
من سيهدد نتنياهو ؟ ملك السعودية ووولي عهده ؟ لماذا ؟ لأنهما غمزا لأجهزة الفتوى السعودية بالجهاد في فلسطين ؟؟ ولكن نتنياهو نبش خزائنه وخزائن التاريخ عله يجد فتوى جهاد سعودية واحدة في فلسطين ليبرر تهديده للسعوديين فلم يجد ولا فتوى واحدة طوال 100 سنة ماضية. رغم أنه فتش ملايين الفتاوى ووجدها كلها للجهاد في أفغانستان وسورية وليبيا واليمن والجزائر.. والفبين وداغستان والشيشان...
من سيهدد نتنياهو ؟؟ طبعًا لا الإمارت ولا قطر ولا مغرب.. كلها ممالك ساقطة.. وكلها دورات مياه لإسرائيل..
هل يهدد تركيا التي كانت تمده بالخضار والنفط والمتفجرات بسبب نفاذ المواد الأولية في معامل الذخيرة الإسرائيلية وتقوم بعملية إسناد له عبر إدلب وحشد الإسلاميين.. فكلما خشيت سورية أن يتحرك الجيش السوري كانت جبهة الإسناد الحقيقية لها في إدلب وشمال حلب حيث الصديق أردوغان يدير شؤون الشمال السوري.. وكما ابتدع حزب الله فكرة الإسناد لغزة فإن أردوغان ابتدع فكرة الإسناد لإسرائيل عبر إشغال الجيش السوري وتحريك الجولاني...
الأسد هو الزعيم الوحيد الذي تغير عليه طائرات نتنياهو كل يوم وتقصف كل شيء فيما تمر طائراته فوق العواصم العربية كما تمر غيمة هارون الرشيد الذي رأى غيمة فقال لها.. أينما ذهبت يا غيمة فإن خراجك لي.. ونتنياهو هو هارون رشيد المنطقة.. فكل ما فيها خراج لها.. نفط العرب واستثمارات العرب.. وجيوش العرب وأسلحة العرب وشعوب العرب.. إلا شعب بشار الأسد وحسن نصرالله وشعب السنوار.. هؤلاء هم من يلعبون بالنار.. وهؤلاء من أشعل النار في مؤخرته.. ولذلك وجه ناره عليهم...
تنياهو يهدد الأسد وهو يدري أن الأسد عندما اختار أن يواجه الكون فلأنه شجاع.. وعندما اختار أن يقول للغرب لا.. فلأنه لا ينتمي إلى جوقة حسب الله العربية..
نتنياهو يعلم أن الأسد يحمل وصية ألف عام.. وحلم ألف عام.. ومهمة ألف عام.. ولا يقدر أن يخاف.. فمن يهمل المهام الصعبة لا يحق له أن يخاف.. كما لم يخف نصرالله وكما لم يخف السنوار...
هذا النوع من الرجال لا يفهمه نتنياهو.. فقد اعتاد أن يطأ كل زعماء العرب.. ويدوسهم ويبول عليهم واحدًا واحدًا.. ولكنه أمام الأسد يعرف أنه لا يقدر إلا ان يرفع سيفه.. ويهدد.. وكأنه في استهدافه نصرالله سيخيف الأسد.. لأن هذا النتن لا يعرف أنه لا يقدر أن يهدد السيد المسيح بالصلب لأن المسيح قد صلب.. ولا يقدر أن يهدد الحسين بالقتل وسبي أهله.. فماذا بعد الصلب والقتل والسبي...
ما هي معركة حلب الثانية ؟
كي لا ندخل في تفاصيل الأشياء التي أعدناها مرارًا فإن كل ما نشهده منذ عام 2011 إلى يوم أمس هو معركة واحدة تتنقل.. وفكرة تغيير الشرق الأوسط لم تتغير.. والمتصارعون لم يتغيروا.. والأعداء لم يتغيروا.. فقط كانت استراحات للمحاربين...
كان مشروع نتنياهو عندما عرضه على الأمريكيين في آخر رحلة له.. أن يغير الشرق الأوسط من معركة غزة.. وأن يكمل المهمة التي بدأت بـ " الربيع العربي " وتعثرت في سورية لقطع شرايين إيران وحبس روسيا والصين وتحطيم الخط الأوراسي.. وكانت لحظة إعلان انطلاق مشروع الشرق الأوسط هي لحظةاغتيال السيد نصرالله التي نفذها حلف الناتووليس إسرائيل .. حلف الناتو يفكر بطريقة تصفية الرؤوس التي وقفت ضده.. قاسم سليماني حسن نصرالله خامنئي.. الأسد.. بوتين.. للوصول إلى تصفية القوى التي يديرها هؤلاء القادة...
كان اغتيال نصرالله إعلان ساعة الصفر.. وتوقع الإسرائيليون أن صفوف حزب الله انهارت بتصفية القيادات وفك شيفرة الاتصالات.. ولكن معجزة حدثت وهي أن الحزب صمد بشكل أسطوري.. وقاتل قتال الشياطين.. تعثرت إسرائيل وأنهكت وصار من الواضح أن المعركة تشتد وأن لا سبيل لطريق دمشق بيروت من جنوب لبنان المستحيل.. ولكن البعض يتساءل عن سبب عدم رد سورية على استفزازات إسرائيل...
أردوغان من جديد كان يرسل التطمينات والوساطات أنه يريد المصالحة.. وصار إعلامه يضخ تسريبات عن أوراق للانسحاب من إدلب وسورية.. ولكن المعلومات على الأرض تقول أنه يرسخ وجوده ولا يتصرف بطريقة الذي يفكر بالانسحاب.. والتقدير كان أن أي معركة في الشمال ستسحب الحشد السوري في منطقة مواجهة محتملة إذا خرقت إسرائيل الجنوب اللبناني وعندها ستتدخل القوات السورية مباشرة...
الأميركيون تابعوا حرب غزةفي الشمال السوري ومن حلب.. فحرب غزة هي نفسها التي انتقلت إلى جنوب لبنانثم وصلت اليوم إلى حلبلأن المقصود بالحرب في الشمال السوري هو قطع شرايين إيران الباقية.. فإمدادات إيران للحزب تتجنب المناطق الجنوبية المكشوفة وتسير عبر ممرات الشمال السوري ومطاراته.. لأن ممرات العراق محكومة بوجود الأمريكان في التنف والجزيرة السورية.. ولذلك فإن أهم شرايين حزب الله وإيران في سورية هي حلب وشمالها.. ولذلك تم تفعيل أردوغان من جديد.. حيث أن زر إيقاف التشغيل قد تحول إلى زر تفعيل التشغيل.. أردوغان اليوم الذي تولى عملية استمرار الحرب على غزة ولبنان من إدلب وحلب.. وكان قرشه الأبيض الجولاني والمعارضة السورية لهذا اليوم.. فقد خبأهم لمثل هذا اليوم.. وعاد إلى لعب الحلم العثماني...
لا شك أن ما يحدث يقول أننا دخلنا مرحلة الحرب الفاصلة.. والطاحنة.. وتركيا دخلت بثقلها في الحرب ضد إيران وروسيا بشكل مباشر.. وحسمت أمرها.. أو لنقل أنها أنهت مرحلة المراوغة والتمسكن والمساكنة مع إيران وروسيا لأنها ترى أن عهد ترامبجاء وهو سينسحب من سورية ولكن ليس لديه مانع بأن ترث تركيا مناطق قسد وشمال سوريةلقطع شرايين إيران إلى المنطقة.. مما سيسهل على نتنياهو أن يكمل الحرب بعد مهلة 60 يومًا حيث إيران لا تقدر أن تصل بسلاحها النوعي وإمداداتها إلى حزب الله فكل الطرق مقطوعة ومحاصرة.. الأميريكون يفكرون أن ترامب يريد التخلي عن أوكرانيا وسيقبل ببقاء روسيا في سورية المحاصرة التي عزلت عن إيران نهائياً.. وبعزل إيران عن سورية ستضعف إيران جدًا.. وربما يقترب تغيير داخل إيران عبر عملية عسكرية تشبه ضربة البيجر في لبنان واغتيال القيادات... دون الحاجة لتغيير بعمل عسكري ضخم.. وبهذا يتغير كل الشرق الأوسط.. بإيران جديدة وسورية مقطعة وبغياب لحزب الله الذي سيموت تدريجيًا وتنقلب عليه معادلات الداخل.. وسيتخلى عن سلاحه راضياً ويقبل بإخلاء الجنوب من مقاتليه..
لذلك هذه هي أحلك لحظات الحرب.. وهي التي ستصل إلى ذروتها قريبًا جدًا.. فكل ما ادخرته الأطراف لهذه المواجهة سيخرج إلى الساحة...
انتظروا المواجهة الكبرى.. والتي كان لا بد من أن تصل لحظاتها.. فبقاء جيب إدلب وتموضع تركيا وأميريكا في الشرق السوري لم يكن لإنهاء الحرب وإبقاء التوازن على حاله بل كان استعدادًا لمعركة كنا نتوقعها في كل لحظة ولكن حرب غزة جرفتنا وشغلتنا.. واليوم انتقلت حرب غزة إلى حلب...
أصدقكم القول أنني كنت أتوق إلى هذه اللحظة التي انكشف فيها الجميع وتبين صدق تحليلي من أن الهدوء والمفاوضات هي أسلحة حرب.. وأن الهدوء ليس في صالح المقاومين والثوار.. وأن الشكوى من طول الحرب هي السبب في إطالتها بدل الشكوى من تباطؤها.. ويجب أن تنتهي الحرب بنصر مؤزر ونهاية المشروع الأمريكي الإسرائيلي في هذه المعركة الفاصلة.. ولا يجب القبول بأنصاف انتصارات وأنصاف تحرير.. وهذا ما سيكون عليه القرار السوري الأكبر.. الذي كان يجب أن ينفذ عام 2018.. وسيكتمل اليوم.. حرب حتى النصر وإخراج كل ما ادخرناه من خيارات استراتيجية كانت مخبأة لهذه اللحظة...
أيها الاصدقاء.. تريثوا.. وتأكدوا.. وكونوا على يقين أن المعركة ليس ما تسمعون بل ما ستسمعون به.. وسترونه.. فالقلب اشتاق للخروج من الهدوء والمفاوضات....
قدرنا أن نحارب.. وسنحارب.. لأنه لا خيار لنا.. إما أن نسلم سورية ومستقبلنا جميعاً.. أو أن نمسك كل المستقبل من حلب.. ويقيناً أنه لنا.. وستعرفون قريباً من الذي يلعب بالنار..........
إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها
لا يوجد تعليقات حالياً