عاجل
"ربما ساهم الفشل في أخذ دور الاستقلاب بعين الاعتبار في ضعف سجل المتابعة بين خبراء الصحة في علاج هذا المرض"
قد لا يكون فقدان الشهية المرضي المعروف بالأنوركسيا مرضاً نفسياً بحتاً، وفقاً لدراسة جديدة تقترح لأول مرة أن عملية الأيض في المرضى قد تلعب دوراً على نفس القدر من الأهمية.
وجد فريق دولي من الباحثين أن الأشخاص الذين يصابون بفقدان الشهية العصابي لديهم استعداد وراثي لوجود معدل أيضي مرتفع ونسب دهون منخفضة في أجسامهم ونشاط بدني زائد.
كان هناك افتراض بأن هذه الاختلافات الجسدية هي نتيجة لتجويع الأشخاص الذين يعانون من الأنوركسيا أنفسهم.
لكن الأدلة الجديدة تشير إلى أنها قد تكون في الواقع اختلافات وراثية في الطريقة التي يستخدم بها الجسم الطاقة ما يجعل الأشخاص أكثر عرضة لتطوير المرض في المقام الأول.
وقال مؤلفو الدراسة إن هذا الاستنتاج قد يفسر سبب الصعوبة التي يواجهها العلاج الحالي لمداواة الحالات الخطيرة التي تهدد الحياة، وقد يفتح الطريق باتجاه علاجات دوائية محتملة في المستقبل.
وقالت البروفيسورة سينتيا بوليك، إحدى المؤلفين الرئيسيين المشاركين في الدراسة من كلية الطب بجامعة نورث كارولينا: "ربما ساهم الفشل في أخذ دور الأيض بعين الاعتبار في ضعف سجل المتابعة بين خبراء الصحة في علاج هذا المرض...حتى الآن، كان تركيزنا منصباً على الجوانب النفسية لفقدان الشهية العصابي مثل رغبة المرضى الجامحة في النحافة."
الأنوركسيا مسؤولة عن أعلى معدل للوفيات الناجمة عن أي مرض نفسي وتصيب ما بين 1 و 2 في المئة من النساء و 0.2 و 0.4 في المئة من الرجال.
حوالي 20 في المئة من المرضى يذهبون أبعد من ذلك ويطورون أخطر أشكال الحالة وقد يحتاجون إلى تغذية مكثفة في المستشفى، ومع هذا فإن العديد منهم يفقدون الوزن بسرعة مرة أخرى بعد الخروج من المستشفى.
عادة ما يتم تشخيص الحالة عندما تكون نظرة الأشخاص إلى أجسادهم مشوهة، وأوزانهم منخفضة بشكل خطير ولديهم خوف من اكتساب المزيد.
البحث الذي نشر في مجلة ’نيتشر جينيتكس‘ استخدم بيانات وراثية من أكثر من 16 ألف حالة من مرض فقدان الشهية العصابي و55 ألف حالة خضعت للرقابة الصحية من 17 دولة في أمريكا الشمالية وأوروبا وأستراليا.
ثم قاموا بمقارنة سبعة ملايين من الجينات من كل فرد في الدراسة ونظروا في الاختلافات التي كانت أكثر شيوعاً لدى الأشخاص المصابين بالأنوركسيا.
وذكر الدكتور جيروم برين، أحد الباحثين الرئيسيين المشاركين في الدراسة من جامعة كينغز كوليدج في لندن: "تشير تحليلاتنا إلى أن العوامل الأيضية قد تلعب دوراً قوياً بنفس قوة التأثيرات النفسية البحتة أو قريباً منها" وقال للإندبندنت: "لدى المصابين بفقدان الشهية العصابي مجموعة مما بدا وكأنه ارتباطات جينية ’صحية‘. يبدو أنهم يتشاركون الخصائص الوراثية مع الأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة جسم منخفض (BMI)، والأشخاص الأقل عرضة للإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، والأشخاص المعرضين بشكل أقل لخطر مقاومة الأنسولين."
"يبدو أيضاً أن لديهم ذلك الرابط مع زيادة مستويات النشاط البدني والكوليسترول الجيد - كوليسترول إتش دي إل (البروتين الدهني مرتفع الكثافة)."
هذه الدلائل تشير إلى أن المصابين بالأنوركسيا ربما يستخدمون الطاقة من الطعام بسرعة أكبر، أو يقومون بتخزين كميات أقل من الطعام كدهون، كما قال الدكتور برين.
كما أن هناك تقاطعات بين جيناتهم، ولكن بصورة مستقلة، وتلك الجينات المعروفة بالفعل بتأثيرها على مؤشر كتلة الجسم- وهو أحد السمات الرئيسية المستخدمة لتشخيص الحالة.
كان هناك أيضاً جينات تدخل في اضطرابات نفسية أخرى، بما في ذلك اضطراب الوسواس القهري والاكتئاب وانفصام الشخصية.
قد يشير هذا إلى أن اجتماع عوامل الخطورة النفسية هذه هو ما يحوّل العوامل الأيضية الصحية السطحية تلك إلى مرض خطير.
وتابع الدكتور برين حديثه إلى الإندبندنت: "لم يكن لفقدان الشهية العصابي أي علاجات جديدة لفترة طويلة، وكان تطويرها صعباً للغاية ... لدينا أمل في التعاون مع الأشخاص الذين يعملون في الطرف الآخر من الطيف، في السمنة، للعمل على إدراج العلاج الدوائي في الأنوركسيا - ولكن سيستغرق هذا وقتاً طويلاً."
في الوقت الحالي، يجادل المؤلفون بأنه يجب اعتبار مرض فقدان الشهية العصابي اضطراباً هجيناً "أيضياً - نفسياً"، ويجب أخذ ذلك في الاعتبار أثناء العلاج.
وقال أندرو رادفورد، المدير التنفيذي لمؤسسة ’بيت‘ الخيرية لمكافحة الاضطرابات الغذائية: "هذا بحث رائد يزيد من فهمنا للأصول الوراثية لهذا المرض الخطير...نحن نشجع الباحثين بشدة على فحص نتائج هذه الدراسة والنظر في الطريقة التي يمكن أن تسهم بها في تطوير علاجات جديدة حتى نتمكن من إنهاء الألم والمعاناة المرافقة لاضطرابات الأكل."
إذا كنت قد تأثرت بأي من المشكلات المذكورة في هذه المقالة، يمكنك الاتصال بالمنظمات التالية للحصول على المساعدة:
إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها
لا يوجد تعليقات حالياً