عاجل
أعرب العديد من الأكاديميين والأساتذة والطلبة في جامعة السوربون بباريس عن استيائهم من إلغاء مؤتمر حول تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي في اللحظات الأخيرة لأسباب لم يُعلن عنها رسمياً على الرغم من التخطيط منذ فترة طويلة لعقد المؤتمر في الجامعة، وذلك وسط انتقادات واسعة من قبل برلمانيين وناشطين فرنسيين عبر منصّات التواصل الاجتماعي واتهامات بالرضوخ لتهديدات الإسلام السياسي وجماعة الإخوان.
وكان بيير-هنري تافويلو المدير التربوي لبرنامج العلمانية والتعليم المستمر في إدارة الدين، الذي تُقدّمه كلية الآداب في جامعة السوربون، قد دعا عالمة الأنثروبولوجيا في المركز الوطني للبحوث العلمية فلورنس بيرجود-بلاكلر، للمُشاركة في مؤتمر يتمحور بشكل رئيس حول كتابها الأخير عن جماعة الإخوان المسلمين وأذرع نفوذها في فرنسا.
واعتاد تافويلو، المحاضر في برنامج الفلسفة السياسية في جامعة السوربون، تقديم ندوة شهرية عامة، بمُشاركة شخصيات فكرية وثقافية عامة. وبعد الحاخام الأكبر لفرنسا حاييم كورسيا والمفكر والفيلسوف الفرنسي لوك فيري، اللذين شاركا في الشهرين الماضيين، كان من المُقرر أن تكون فلورنس-بيرجود بلاكلر المُتحدث الرئيس في مؤتمر يوم الجمعة 12 مايو (أيار) الجاري، وذلك على الرغم من تلقّيها تهديدات عدّة بالقتل. وجاء في بعض التغريدات على تويتر ضدّها من قبل مؤيدين لجماعة الإخوان "نريد إسكاتها وترهيب أولئك الذين لديهم ميل للتحدّث حول الكتاب (الإخوان وشبكاتهم)".
الكاتب الصحافي بول سوجي، كشف أنّ المؤتمر كان موضوع حملة اتصالات طموحة، إلا أنّ عقده قد فشل بسبب تأجيله في اللحظة الأخيرة بناءً على تعليمات من عميد كلية الآداب في جامعة السوربون، بياتريس بيريز، الذي طلب من المنظمين تعليق إقامة الفعالية حتى لا يتم "صب الزيت على النار" خلال فترة الامتحانات في موسم جامعي يتسم بتوترات كبيرة في أعقاب الحراك الاجتماعي المناهض لإصلاح نظام التقاعد.
ومع ذلك، فقد أكد تافويلو أن إدارة جامعة السوربون لم تشكك أبداً في توفير الظروف الأمنية المناسبة للحدث، فيما نشرت بيرجود-بلاكلر عبر تويتر لمُتابعيها رابط التسجيل لحضور المؤتمر، مُشيرة إلى أنّه لم يصلها ما يُفيد بإلغاء الحدث رسمياً. وذلك بينما بررت جامعة السوربون لصحيفة "لو فيغارو" أسباب الإلغاء بالقول بشكل مُقتضب إنّ "الشروط التنظيمية لم يتم الوفاء بها".
مواجهة ضغوط الإسلام السياسي
وعلى إثر مفاجأة عميد كلية الآداب بطلب الإلغاء، اضطر مدير برنامج العلمانية تافويلو على الفور لتبديل مؤتمر فلورنس بيرجود-بلاكلر بمؤتمر آخر لوزير التعليم الفرنسي السابق جان ميشيل بلانكير، بينما وعد مبدئياً بمحاولة عقد ندوة الإخوان في يونيو (حزيران) القادم ضمن إطار التدريب على ممارسة العلمانية، في محاولة لامتصاص الغضب الأكاديمي والطلابي وسط شكوك بأنّ الألغاء نهائي.
وسبق أن واجهت عالمة الأنثروبولوجيا بالفعل حالات مُشابهة في عدّة مناسبات كشفت تردد وتخوّف المؤسسات الأكاديمية فيما يتعلق بعملها ضدّ الإسلام السياسي، ففي عام 2019، رفضت جامعة إيكس مرسيليا ضمان أمن أحد مؤتمراتها، مما تطلب استخدام خدمات شركة أمنية خاصة، وفي عام 2014 طلبت منها مؤسسة أخرى عدم الإعلان عن عقد مؤتمر حتى لا يتسبب في اضطرابات بعد نشرها دراسة عن الإخوان المسلمين.
وأثار تعليق المؤتمر الأخير جدلاً واسعاً وموجة سخط، وفيما حصلت بيرجود-بلاكلر على دعم العديد من البرلمانيين، قال برونو ريتايو العضو الفاعل في مجلس الشيوخ إنّه "من المحزن أن نرى الجامعة الفرنسية تخفض رأسها في مواجهة ضغوط الإسلامويين.. يجب شن الحرب ضدّ البربرية في كل مكان، وخاصة حيث يجب أن تكون حرية التعبير مقدسة!". كما أكد النائب في البرلمان الأوروبي فرانسوا كزافييه بيلامي على "دعمه الكامل" للباحثة الفرنسية، مُذكراً بالتهديدات التي تتلقاها بسبب دراساتها.
يُشار إلى أنّه، وبعد تحذيرها في كتابها الأخير "الإخوان وشبكاتهم" من أنّ تنظيم الإخوان الإرهابي يُريد تغيير المجتمع الأوروبي لجعله متوافقاً مع الشريعة، تعرّضت عالمة الأنثروبولوجيا لتهديدات بالقتل مما اضطر لوضعها تحت حماية الشرطة.
ويُعتبر الكتاب الصادر مطلع 2023 وفق سياسيين وباحثين مرجعاً عن جماعة الإخوان المسلمين وتأسيسها في أوروبا، ويُحدّد بدقة أسباب خطورة هذه الحركة وأساليبها وقيادتها للإسلام السياسي. لكنّ الكتاب تعرّض بالمقابل لحملة انتقادات وهجمات إعلامية تحريضية وتهديدات قانونية من قبل بعض شخصيات الإسلام السياسي في فرنسا وأوروبا.
إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها
لا يوجد تعليقات حالياً