عاجل
اتهمت مصر، الأحد، عقب انتهاء اجتماع ثلاثي في إثيوبيا بحضور السودان حول سد النهضة، أديس أبابا بالتراجع عن توافقات سابقة، بعد أيام من إعلان إثيوبيا انتهاء عملية الملء الرابع للسد تعتبره مصر والسودان تهديداً لحصصهما في مياه نهر النيل.
وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية، إن "إثيوبيا رفضت القبول بأي مقترحات وسطية والترتيبات الفنية المتفق عليها دولياً، والتي من شأنها تلبية المصالح الإثيوبية اتصالاً بسد النهضة، من دون التعدي على حقوق ومصالح دولتي المصب".
وبينما تحاول مصر عبر مسار تفاوضي معقد مع إثيوبيا، البحث عن حل توافقي للسد، في ظل غياب السودان المنشغل بالحرب المستمرة منذ خمسة أشهر، تستند إثيوبيا إلى سلسلة من إجراءات الأمر الواقع.
ويرى الخبير في الشؤون الإفريقية رمضان قرني، أن "التصريحات المصرية بشأن جولة المفاوضات الأخيرة في أديس أبابا، تشير إلى أن هناك تعثراً في المسار التفاوضي بشأن ملف سد النهضة".
وقال: "من الواضح من الواضح تمسك الطرف الإثيوبي بإجراءاته الأحادية، وأنه لم يكن هناك أي اختراقات في جولتي المفاوضات في القاهرة وأديس أبابا الأخيرتين، وكذلك تراجع إثيوبيا عن أن الملء الرابع هذا العام سيكون الملء الأخير".
وأضاف أن "تجربة المفاوضات تكشف تعنت إثيوبيا تجاه ما تمسيه المبادئ العامة للتفاوض، وخاصة ما يتعلق بتصدير خطاب للداخل يتحدث عن أن نهر النيل هو نهر إثيوبي خالص، وخطاب للخارج يتحدث عن إثيوبيا ليست ضد التنمية ومع التكامل الإقليمي، وأن السد سيخدم كافة دول القارة الإفريقية".
وتابع أن "إشكالية هذا الخطاب تكشف الرؤية الإثيوبية للتعامل مع المفاوضات بشأن سد النهضة، حيث تتعامل مع نهر النيل وتسميته نهر آباي تكشف اعتبارها له نهراً إثيوبياً".
وأشار إلى "تراجع إثيوبيا عن تعهداتها بعد تجربة المفاوضات في واشنطن وبعد الاقتراب من إعلان مبادئ آنذاك، وأيضاً تراجع إثيوبيا عن إعلان مبادئ سد النهضة عام 2015 الذي يتضمن مبادئ مهمة، من بينها إنشاء مفوضية تنسيقة بين الدول الثلاثة لإدارة وتشغيل السد، والإخطار المسبق لكل من مصر والسودان بأي تطورات إيكولوجية أو بيئية يتعرض لها السد".
وبحسب الخبير في الشؤون الأفريقية، فإن "تمسك إثيوبيا خلال المفاوضات يعود لجملة أسباب أهمها هو أن السد أصبح بالفعل أمراً واقعاً، على ثلاثة مستويات". وبحسب قرني، "يتعلق الأمر الواقع فيما يخص السد بالجانب الإنشائي حيث تم تجاوز بناء 80% من هيكل السد، أما المستوى الثاني يتعلق بالملء خاصة وأن إثيوبيا هذا العام فقط بلغ الملء 24 مليار متر مكعب".
وأضاف "تشير كافة التقارير الفنية إلى أنه حتى الآن لم تصل الحصة لمصر من الإيراد النهري المتوقع حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول)، وهو خصم صريح من حصة مصر، أما المستوى الثالث يتعلق بتشغيل توربينات في السد، حيث تم حتى الآن تشغيل توربينين أساسيين".
وأوضح أن جملة هذه الأمور تشير بدرجة كبيرة إلى أن "إثيوبيا تستند إلى شرعية الأمر الواقع، وأنه لا يمكن بأي حال التعامل معه بأي أدوات أخرى".
كما أشار إلى "استغلال إثيوبيا للتطورات الإقليمية في السودان، في ظل غياب الدولة السودانية والحكومة وانشغال القيادة السودانية بالحرب، حيث أصبحت العلاقات تفاوضية بشكل مباشر وواضح مع مصر".
خيارات مصرية
وقال المختص في الشؤون الأفريقية، إنه "في ضوء المعطيات التي تشير إلى أن السد أصبح أمراً واقعاً وتعثر المسار التفاوضي، وفي ضوء عجز المؤسسات الإقليمية والدولية عن ثني إثيوبيا عن سلوكها الأحادي فيما يتعلق بالسد وتشكيله والملء، وفي ظل أن الأزمة السودانية في السودان لا توجد بارقة امل لانتهائها، فمن الواضح أن فكرة الحل التفاوضي والدبلوماسي لا محل لها ولا يتوقع الوصول إلى تفاهمات سياسية أو دبلوماسية بشأن سد النهضة".
وأضاف "سيكون التعويل في المرحلة المقبلة على عاملين، الأول أن تمارس بعض الدول الحليفة لمصر وإثيوبيا نوعاً من الضغوط على أديس أبابا لتليين الموقف الإثيوبي فيما يتعلق بالسد، وربما يتعلق ببعض الأمور الفنية وليست الجوهرية".
وأشار في هذا الصدد إلى "الاعتماد على موقف الولايات المتحدة ودولة الإمارات والصين وروسيا التي ترتبط بمصر وإثيوبيا بعلاقات جيدة".
وتابع "ربما تمسك القاهرة بالحل التفاوضي والدبلوماسي سيدفع مصر لإرجاء استخدام أي أدوات خشنة للتعامل مع سد النهضة، حتى استنفاذ كافة الوسائل السياسية والدبلوماسية بشأن الأزمة التي تسميها القاهرة أزمة وجود للمجتمع المصري".
إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها
لا يوجد تعليقات حالياً