عاجل
الحرب على سورية تجاوزت سقف كل معايير الحياة البشرية التي وردت في الميثاق الإنساني من القانون الدولي "الحق في الحياة والكرامة، والحق في الحماية والأمن".. أين هذا مما يجري في سورية منذ قرابة الخمس سنوات على أيدي من وضعوا هذا الميثاق ؟؟؟
بينما كانت أنظار أغلبية دول العالم تتجه إلى ما يجري في مؤتمر جنيف 3 على مدى أسبوع كانت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها كلٌ على حدة تخطط وتجتمع لوضع خريطة عمل لمنع تنظيم داعش من التسلل إلى أراضيها بعد أن فشل هذا التنظيم في إحياء مشروعها في إقامة (شرق أوسط جديد) في سورية والعراق ولبنان.. لكن كيف ذلك، ومن سرب للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها هذه المعلومات ؟؟
حصلت الاستخبارات الأوروبية على معلومات تشير إلى أن تنظيم داعش يحاول تأسيس أسطول بحري في القرن الإفريقي بغية غزو أوروبا عبر ايطاليا وفرنسا واسبانيا تحت اسم المهاجرين واللاجئين الذين يتدفقون إليها من ليبيا والجزائر وتونس بجوازات سفر مزورة أو مسروقة وأول القلقين من هذا هي ايطاليا.
بعد انتقاد عدد من الدول الاوروبية والمعارضة في المانيا لسياسة ميركل في فتح باب اللجوء تتجه هذه الحكومات على غرار استراليا إلى طرد 50 ألفاً من طالبي اللجوء خلال الأعوام القادمة وفقاً لخطة تلقّت وسائل إعلام استرالية تفاصيل خاصة بها، والتحقت النمسا بالسرب عندما أعلنت عن حزمة من الإجراءات الجديدة للتعامل مع أزمة اللاجئين تستهدف ترحيل نحو 50 ألف مهاجر بحلول عام 2019 إلى بلدانهم عن طريق توسيع قائمة الدول الآمنة حيث تشمل المغرب والجزائر وتونس وجورجيا ومنغوليا وغانا لتسريع الإجراءات القانونية والانتهاء من طلبات اللجوء المقدمة من مواطني هذه الدول بشكل يؤدي إلى رفض هذه الطلبات في غضون فترة لا تتجاوز 10 أيام.
النمسا على لسان وزيرة داخليتها يوهانا مايكل أعلنت أن حكومة بلادها ستعمل على زيادة عدد المرحّلين وتوسيع هذا الاتجاه المتنامي وأنها عازمة على استخدام طائراتها في عملية ترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذين تمّ رفض طلباتهم للحصول على حق اللجوء في النمسا. ويبدو أن حكومتي السويد وفنلندا اتخذتا خطوات مشابهة برفض طلبات للحصول على حق اللجوء.
وبالتالي تكون القارة العجوز قد اتخذت خطوات استباقية لإفشال ما تنويه داعش من غزو أوروبا.
هناك معلومات تقول أن رئيس وزراء تركيا احمد داود أوغلو ورئيس أركانها قاما منذ يومين بزيارة إلى السعودية في محاولة لمنع الجيش السوري المدعوم من سلاح الجو الروسي من توسيع رقعته في ريف حلب على طول حدود تركيا حتى الجيب الذي يربط عفرين باعزاز.
وتعمل تركيا مع السعودية على تعبئة حدود هذا الجيب بقوات صديقة لتركيا تحت ذريعة إقفال الحدود في وجه داعش ومنع الجماعات المسلحة المدعومة منها والفارة من الجيش السوري خوفا من العودة إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا.
أما ما تخطط له الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة وصول داعش إلى أراضيها أعلن عنه وزير دفاعها اشتون كارتر أمام البنتاغون بتسريع حملة دعم الموازنة بمبلغ اجمالي قدره 7.5 مليارات دولار للعام 2017 أي بزيادة 50% عن العام 2016 تحت اسم تمويل صندوق العمليات العسكرية في الخارج ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وهذه الموازنة لوحدها تتخطى موازنات الدفاع في الدول الثماني الأخرى التي تمتلك أكبر جيوش العالم لتضاف إلى خطة عمل الاتحاد الأوروبي لمكافحة تمويل الارهاب بطلب ملّح من فرنسا بعد التفجيرات التي شهدتها باريس .
هل ما ذُكر من خطط أوروبية وأمريكية وتركية كانت السبب في إفشال مؤتمر حنيف 3 قبل أن يولد أم أن هناك أسبابا أخرى ؟؟
ما ذكرته آنفاً كان من الأولويات للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بعد قيام الجيش السوري بطرد تنظيم داعش من المناطق التي سيطر عليها، إضافة إلى توسيع نفوذ روسيا الاتحادية في منطقة الشرق الأوسط كما صرح الباحث الاكاديمي الأمريكي في العلاقات الدولية بجامعة هارفارد وصاحب مؤلف " اللّوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية" استيفان مارتن والت عبر مجلة "فورين بوليسي الأمريكية" أن على الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بأنها لم تعد تملك استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، ومن الصعب تحديد دورها في المنطقة، لأنّ السياسة العامة المتاحة لها لم تعد مجدية لحل المشاكل التي تتخبط فيها المنطقة، لتبقى مقتصرة على استعمال القوة العسكرية، والمساعدات المادية، وتدريب جيوش المنطقة وتوجيه الضربات الجوية والبحرية وقيادة العمليات الخاصة والانتشار السريع في الحالات القصوى، ناصحاً الإدارة الأمريكية الحالية أو المقبلة بانها إذا ما كانت ترغب في محاربة ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، عليها إنقاذ سورية والتخلص من الحرب الباردة مع روسيا.
وعما ينبغي أن تفعله أمريكا في الشرق الأوسط عندما سُئل مارتن حول هذا أجاب: أن أمريكا لم تعد القوة الفاعلة في المنطقة كما كانت لدخول أقطاب متعددة اولاً ولتغيير قواعد اللعبة ثانياً وما يحدث في سورية يؤكد هذا كما أن هناك المزيد من الشبهات حول المصالح الامريكية في المنطقة حول الدعم الذى تقدمه لشركائها التقليديين.
أحد المحللين السياسيين الغربيين عندما سُئل عن السياسة الإقليمية للسعودية بشكل عام وما تقوم به تجاه سورية والعراق قال:
أي ملاحظ للسياسة الإقليمية للسعودية من المؤكد بأنه سيخرج بانطباع واستنتاج واحد وهو أنها سياسة كارثية بكل المقاييس، و أي متعمق أكثر أو أي متتبع لمجريات الأمور بشكل أدق سيجد حتما أن الكارثة أعظم بكثير مما هو متصور، فلا هي تخضع لأي منطق جيو-استراتيجي واضح كما أي دولة تريد أن يكون لها ثقل سياسي إقليمي أو حتى عالمي، ولا هي مبنية على أي سياسات ذات معالم واضحة يمكن من خلالها أن نعرف ماذا تريده هذه الدولة بالضبط؟
أي مراقب لما يحدث في سورية والانجازات المتوالية للجيش السوري على أرض الميدان بعيداً عن المؤتمرات السياسية التي تنعقد هنا وهناك يدرك أن قواعد اللعبة في الشرق الأوسط قد تغيرت لصالح روسيا وسورية وحلفائهما .. وهذا ما أثار حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه دعم المؤتمرات السياسية من أجل ايجاد حل سياسي لسورية فأوعزت للسعودية بإفشال المحادثات في مؤتمر جنيف عبر وفد الرياض للمعارضة السورية المسمى بالهيئة العليا للمفاوضات .
أخيراً نستطيع أن نقول أن مؤتمر جنيف 3 ذهب مع الريح لأن أمريكا وحلفائها من الصعب عليهم مفاوضة من أصبحوا في موقع القوة بعدما قام ويقوم الجيش السوري بتحرير عدد من المناطق السورية التي كانت تحت سيطرة مسلحيهم ولاسيما المناطق ذات الاستراتيجية الهامة بالنسبة لسورية.
إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها
لا يوجد تعليقات حالياً