عاجل
اعتقد عدد من الساسة والمحللين الغربيين والعرب أن التخبط الأمريكي في الآونة الأخيرة بدءا من الساحة السورية وصولاً إلى اليمن والعراق وليبيا انتهاء بعدد من دول الاتحاد الأوروبي سببه الصعود الروسي في تأثيره في عدد من الدول التي ذكرت، لكن السؤال الذي يسأل هنا : إذا كان هذا الكلام صحيحاً أين هي روسيا من اليمن وليبيا والعراق ؟؟؟؟
الولايات المتحدة الأمريكية فقدت قوة تأثيرها في الشرق الأوسط بعد ان فقدت دول المنطقة ثقتها في قوة التأثير الأمريكي وهذا لن يحدث لو ما إن الأخير يعاني من التخبط من هنا وهناك في قرارته المصيرية لأمريكا وغير أمريكا نتيجة فشله في الشرق الأوسط (كما ذكرت عدد من التقارير الغربية والعربية).
بدأ التخبط الأمريكي بعد أن أيعن أن محاولاته في التخطيط والتنفيذ لخلق فوضى عارمة في الشرق الأوسط بغية وضع يده على الثروات النفطية والغاز التي تحدث عنها معظم المعنيين بهذا الشأن وآخرها الغاز المكتشف في شرق المتوسط الذي يمتد من شواطئ اللاذقية إلى غرب مصر، في "جبل إراتوشينس الممتد تحت مياه المتوسط"، باءت بالفشل للأسباب الآتية:
- التغييرات التي طرأت على الساحة السورية والعراقية في محاربتهما للجماعات الإرهابية (داعش وجبهة النصرة وحلفائهما) قياساً بالسنوات السابقة من حيث قتل الكثير منهم وفرار العديد منهم إلى دول الجوار من جهة وإلى أوروبا بحجة لاجئين من جهة أخرى.
- مصالح الدول العظمى كل منها على حده بالنسبة لدولة ما ودولة أخرى هذا إذا ما اعتبرنا أن القاسم المشترك هو محرك عجلة الاقتصاد وبلا شك البترول والمتوافر بكثرة في الشرق الأوسط وبالخصوص دول الخليج وإيران والعراق.
- الخلاف الحاصل ما بين التركي والأمريكي ودعم الأخير للأكراد.
- الخلافات التي نشبت على مختلف القضايا بين البيت الأبيض والبنتاغون والمحكمة العدلية بشأن عدد من الوعود التي قد وعد بها ترامب أثناء حملته الانتخابية التي لم يستطع تحقيق أي وعد منها (اوباما كير وحظر الهجرة و الخطة التي وعد بها للقضاء على تنظيم داعش الذي يتخذ من الموصل في العراق والرقة في سورية معقلين رئيسيين له).
- استقالة مستشاره مايك فلين وأحاديث كثيرة حول علاقته بروسيا والانتخابات الامريكية غير النمطية والتي تعكس حالة صراع عميق داخل المجتمع الامريكي خصوصاً أمام الطغم الاحتكارية المالية الكبرى.
- المشكلة الاقتصادية العميقة الامريكية؛ هل سيتمكن من استعادة المصانع الامريكية من الخارج بحجة تأمين فرص عمل للشعب الامريكي؟
- إخفاقها في تحقيق أهداف مشاركتها في الحرب على اليمن للسيطرة على طرق الملاحة البحرية (لتعزيز أمن السواحل الإسرائيلية) وعلى الآبار النفطية في منطقتي الجوف ومأرب وبهذا اعتقدت الولايات المتحدة الأمريكية أنها تستطيع الهيمنة على قسم كبير من احتياطيات النفط في العالم لكن بحكم وجود خصم قوي (جماعة أنصار الله) في الميدان اليمني دفعتها لتغيير استراتيجياتها الاقليمية.
- ظهور الصين كقوة اقتصادية و تنامي دورها العسكري في العالم كونها ستصبح المستورد الأول للنفط والغاز الذي تتنافس به مع أمريكا اليوم.
السؤال الأهم هو: أين الأزمة السورية من هذا التخبط الأمريكي؟؟
إذا ما ذكرنا القرارات التي صدرت بشأن الأزمة السورية ومشاركة امريكا كمراقب في استانا وغيابها الكامل في محادثات جنيف 5 وعدم مشاركتها في جهود ابرام الاتفاق على وقف اطلاق النار في سورية ، هذا وإن دل على شيء قهو يدل على ضعف الدور والفاعلية الأمريكية على الساحة الدولية بعكس الدور الروسي والصيني.
إن ما قلنا إن الامريكان لا يستطيعون حل الأزمة السورية بما يخدم مصالحهم الاستراتيجية،
فأين هيبة الولايات المتحدة الامريكية إن استطاعت روسيا والصين حل الأزمة السورية سلمياً ومقاربة كل الأزمات على الساحة الدولية بما يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة ؟؟
لقد سبق وأن تحدث الرئيس الأسد عن مصداقية الموقف الروسي فيما يتعلق بحل الأزمات الدولية سلمياً ووفق القانون الدولي وهذا ما جعلهم ينجحون في محاربة الارهاب بعكس ما يسمى التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا والذي قدم مساعدات لانتشال داعش وليس العكس.
ليس هذا فحسب فقد علق أحد الدبلوماسيين الأمريكيين قائلاً: المشكلة في السياسة الأمريكية هي نفسها دائماً "الكثير من التكتيكات من دون استراتيجية واضحة... لقد كانت فوضى عارمة.. سببت التخبط في الادارة والميدان معاً".
كما علقت المستشارة الخاصة لمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “ناتالي توتشي”, على حكومة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانها في “تخبط تام” بشأن منطقة الشرق الاوسط.
واختتم القول بالأسئلة التي وجهها المطران عطا الله حنا في افتتاح مؤتمر في العاصمة الامريكية واشنطن (بعنوان " المسيحية في المشرق العربي واقع وتحديات ").
من الذي صنع لنا داعش ؟ من الذي صنع لنا القاعدة ؟ من الذي أوجد لنا هذه المنظمات الإرهابية بمسمياتها وألقابها وأوصافها المتعددة ؟ من الذي يغذي هذه المنظمات الإرهابية بالمال والسلاح ، من الذي يقدم غطاءً سياسياً وامنياً ومالياً وعسكرياً لهذه المنظمات الإرهابية التي لم يُؤت بها إلى منطقتنا من أجل نشر الديمقراطية والحرية وإنما من أجل إفراغها لإشاعة الفوضى الخلاقة التي بشرتنا بها الإدارة الامريكية في وقت من الاوقات .
أضع هذه الأسئلة برسم القارئ ؟؟
إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها
لا يوجد تعليقات حالياً