عاجل
التضليل الإعلامي الغربي على سورية وخفاياه.. الإعلامية مها جميل الباشا
لم يبق إلا أيام قليلة ونختم العام السابع من اندلاع الحرب على سورية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية التي كانت بدايتها حرب إعلامية بامتياز كقوة أساسية مثل القوتين العسكرية والاقتصادية، بهدف خلق بيئة سياسية وثقافية واجتماعية مواتية لنهب الثروات والطاقات دون خسائر تذكر (حرب بالوكالة).
كلنا رأينا كيف أن الولايات المتحدة الأميركية كلفت العديد من القنوات الفضائية والمؤسسات البحثية العلمية والدراسات الاستراتيجية الاميركية باستدراج عدد من الشباب السوري لتدريبهم وتمويلهم وتغيير مواقفهم السياسية بهدف إشعال حروب أهلية مركبة لمجتمع غير طائفي من جهة ولإضعاف الحكومة والإطاحة بها من جهة ثانية. وهذا ما لوحظ من خلال تسليط شاشات البث الفضائي لتهييج الرأي العام وخاصة الشباب العاطلين عن العمل والمستخدمين لشبكة الانترنيت برفع شعارات براقة تلبي مزاجهم الطموح إلى التغيير، وهذا ما ساهم في تسارع الأحداث التي كانت مفاجئة لبلد احتل المراكز الأولى على مدى سنوات عدة بالاستقرار والأمن والأمان.
الحرب السورية لم تنته وإن قلنا بأنها وصلت إلى خواتيمها، سبع سنوات من الحرق والقتل والذبح ومع ذلك حيرت العالم بصمود شعبها وجيشها وقيادتها باعترافات قادة أمريكيين وأوروبيين وخليجيين بعضهم مشاركاً بها وبعضهم ممولاً.
العديد من الباحثين الدوليين والإقليميين توصلوا إلى أن الحرب على سورية هي حرب ضالَة ومضلَلة (بالكسر) قادها إعلام إقليمي دولي حاقد وأعمى لم يسبق له مثيل من خلال صور مفبركة، وأفلام مزيفة، ومقالات كاذبة نشرت على صفحات مواقع الكترونية تواصلية اجتماعية من كل حدب و صوب دون أي تفكير وتأمل في القادم.
كذبوا عندما ادَعوا أن الهدف من الحرب هو من أجل الحريات وكان ذلك بيّناً منذ اللحظات الأولى، هذه الحرب الشرسة قامت من أجل خلق شرق أوسط جديد عبر خطط وضعت لها تبدأ من اغتيال الدور الوطني والقومي لسورية وتنتهي بتفكيك الدولة على أسس عرقية وطائفية، والتي أصبحت بينة للقاصي والداني، وهذا كله خدمة للكيان الصهيوني ليبقى القوة الفاعلة على الأرض وليكون أمراً واقعاً، لاسيما بعد صناعة "داعش" ليأتي باللحظة المناسبة.
كلنا يعلم ما صرح به السفير السابق للولايات المتحدة الأمريكية في سورية (روبرت فورد) وزياراته العلنية والخفية التي غطت جميع المدن السورية خاصة وصوله سراً إلى حماة إضافة إلى لقاءاته مع المجموعات المسلحة والتنسيقيات والمعارضات وغيرها ودور سفارته المحوري في التمويل والاتصال المباشر مع المنظمات غير الحكومية والجمعيات والأحزاب الممنوعة.
أيضاً كلنا قرأنا اعترافات وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون عندما قالت أنها طلبت في كانون الثاني عام 2010 تخصيص 30 مليون دولار أمريكي للشركات المتخصصة في صنع البرمجيات لمساعدة منظمات المجتمع المدني والنشطاء المعارضين الذين يعيشون في سورية لكسر الرقابة وتشفير رسائلهم ومحو آثارهم حتى يصعب بعد ذلك على الأجهزة المختصة مراقبتهم وتعقبهم التي تولت الأجهزة الفيدرالية الأمريكية توزيع هذه البرمجيات بعد ترجمتها إلى اللغة العربية مجاناً على المجموعات المخربة في سورية وذلك من أجل تأجيج الغضب الشعبي وإشعال فتيل الثورة والانتفاضة كما خططت.
إن هذه الاعترافات لدبلوماسيين أمريكيين تظهر لنا أن ما يسمى "الربيع العربي" لم يكن ليكون بهذه الصورة لولا دور الإدارة الأميركية وحلفاءها في المنطقة ووسائل إعلامها العملاقة مستفيدة من تجاربها في أوروبا الشرقية.
لأجل هذا استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي مثل (الفيس بوك وأخواته) أن تغرق الجمهور بمعلومات هدفها تخريب النسيج الاجتماعي السوري الذي عاش مع بعضه في ود وإخاء جنباً إلى جنب في السلم وفي الحرب. ونحن كإعلاميين لا نملك إلا أن نطلق على هذه المعلومات اسم (نفايات المعلومات) كما سماها الباحثون
لم يعرف المواطن السوري يوما معنى الإرهاب حتى اختلقه الغرب الذي استخدمه لمحاربة شعوب المنطقة العربية، وتنفيذ نظرية صراع الحضارات، بواسطة عملائه في الداخل والخارج وخاصة مجموعات الإخوان المسلمين الذين اسندت لهم مهام الحشد الديني معتمدين على بعض أئمة المساجد والمنابر الدينية كـ (القرضاوي والعرعور) وغيرهم.
لجأت الشاشات الغربية والمستعربة وبشكل مفضوح إلى صناعة الأحداث وصياغة الأخبار المزيفة ضمن غرف مخصصة للتصوير والإخراج، لأغراض سياسية هيمنت وسيطرت على الساحات والشوارع. ليكشف الإعلام السوري بتواضع إمكانياته زيف وتحريف هذه الأخبار
لم يكتف الإعلام الغربي (المغرض) بتحريف وتزييف الأخبار بل جنّد عدداً من خبراء الإعلام وعلم الاجتماع وعلم النفس لإدارة الحرب بالشكل المرسوم لها. وإلا أين نضع إشادة هيلاري كلينتون عام 2011 بقناة الجزيرة بشقيها العربي والإنكليزي عندما قالت:" أنها الرائد في تغيير عقول الشعوب ومواقفها".
استخدام التكنولوجيا المتطورة وصياغة فورمات جديدة في اختيار اللقطات المثيرة والمشوقة بطريقة درامية لم تمكن الفضائيات من استخدام نفوذها الذي كانت تطمح له في تنفيذ الأدوار الموكلة لها من قبل الصهيونية والإخوان المسلمين.
كلنا شاهدنا وسمعنا ما قام به الإعلام المغرض من بناء مجسمات عمرانية مزيفة في دولة قطر على أنها داخل سورية بهدف إثارة الرأي العام السوري وتأجيج الصراعات الداخلية، واتهام الجيش السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية ليتبين لاحقاً أن من استخدم الأسلحة الكيماوية هم المجموعات المسلحة الإرهابية، عرض الأطفال الملقيين في شوارع تشبه أماكن في سورية بتناسق وترتيب أبهر الجميع بهدف إعطاء ذريعة للولايات المتحدة الأمريكية بالعدوان على سورية.
أمثلة كثيرة استطيع أن أذكرها قام بها الإعلام المغرض (الجزيرة وغيرها) كقصة الشهيد ساري سعود باتهام الجيش السوري بقتله لتكذب الخبر والدته في حديث للتلفزيون السوري. وقصة زينب الحصني على أن الأمن اعتقلها وقتلها لتظهر على الشاشة السورية وتكذب الخبر وأنها حية ترزق.
الفيديو المعنون بـ "طفل سوري ينقذ شقيقته من رصاص الجيش السوري" الذي جاء ضمن حملة إعلامية مفبركة تناولتها فوكس نيوز الأميركية وجريدة التليغراف اللندنية والديلي ميل حتى الصديقة منها وقعت في هذا الفخ التضليلي ليدلي بعد ذلك المخرج النرويجي (لارس كليفبيرج) بمعلومات تفيد أن الفيديو مفبرك وأنه صور في مالطا والطفل والطفلة هم ممثلين محترفين من مالطا والهدف منه هو النيل من سمعة الجيش السوري.
قام الإعلام السوري منذ اللحظات الأولى بالتصدي للإعلام المغرض بكشف هذا التحريف والتزييف والتضليل ووضع خطة استراتيجية إعلامية تخدم أهدافه الوطنية من خلال خلق قاعدة بيانات متطورة لتوثيق كل ما يكتب ويقال لرصده لعدم تغلغله في المجتمع السوري.
كما قام الإعلام السوري ومازال يقوم بفضح أصحاب التكفير الظلامي بإقامة المؤتمرات العلمية ونشر الدراسات والكتب التي تقدم الثقافة البديلة، ومنها نبذ العنف والتسامح وتركيز خطاب الوحدة وضرورة احترام الآراء والأديان والمذاهب، بالاستعانة بعلماء الدين الذين يعرضون موقف الإسلام من جميع أشكال ومظاهر الانحراف الفكري وفي مقدمتها الغلو والتطرف.
تأكيد الإعلام السوري على القنوات الفضائية الوطنية عدم بث خليط من المعلومات والحملات الدعائية، وضرورة إشراك منظمات المجتمع المدني الفكرية ومراكز البحوث خصوصاً في نشر ثقافة الاعتدال والتنوير، والتحذير من خطورة التقليد الأعمى أو استلام الأفكار المعلبة والابتعاد عن المهاترات.
في النهاية لا يسعني إلا أن أقول بأن علينا أن لا نتهاون في الجانب الإعلامي لأن ذاكرتنا التاريخية تؤكد لنا أن الكثير من الحروب كانت نتاجاً إعلامياً.. ونحن بصدد العمل على تطوير الإعلام السوري ليكون السلاح الأقوى في وجه أي اعتداء تتعرض له سورية.
إدارة الموقع ليست مسؤولة عن محتوى التعليقات الواردة و لا تعبر عن وجهة نظرها
لا يوجد تعليقات حالياً